تقرير من السفارة البريطانيَّة في بغداد: }حكومة البعث حريصة على إعطاء انطباعٍ مخالفٍ لحقيقة ميولها نحو الغرب{

منصة 2021/02/24
...

نوع الوثيقة: تقرير سرّي من السفارة البريطانيَّة في بغداد الى الخارجيَّة البريطانيَّة.
تاريخ الوثيقة: 16 كانون الأول 1969.
الرقم المصدري :FCO 17/ 871
يقول التقرير، نقلاً عن مقابلة للسفير البريطاني مع صدّام: إنَّ المبعوث الروسي الى بغداد وجد فيه "بعثياً متطرفاً"، وليس لديه إخلاص الفلاحين الذين وجده لدى (عزت الدوري) مثلاً.
ثم يقول السفير: إنني تكلمت لخمس دقائق تقريباً من دون أنْ يفتح صدّام فمه. وكنت متلهفاً لمعرفة ميول حكومة البعث وموقفها من بريطانيا، أو إنها تميل الى الكتلة السوفييتيَّة من الناحية العمليَّة.
والقراءة الأولى تقول إنَّ الاشتراكيَّة البعثيَّة تميل الى أنْ تحتذي أنموذج الاشتراكية الغربيَّة بدلاً من اشتراكية الاتحاد السوفييتي، لكنهم حرصوا على إعطاء الانطباع عن هذا بصورة 
معكوسة.
وخلال اللقاء، كان صدام حريصاً على الربط بين القضية الفلسطينيَّة وباقي الموضوعات، وأكد ذلك حين قال: إنَّ القضية الفلسطينيَّة هي محور اهتمام العرب في كل أرجاء البلدان العربية، ولا يمكن أنْ نغفل الحديث عنها.
وعن العرض الذي تقدمت به شركة نفط العراق، قال صدام إنه شخصياً لا يحمل مواقف مسبَّقة ضد الشركة، لكن عليه أنْ يدرس العرض مع القياة. 
خاصة أنَّ الشكوك عادة تنتشر بشأن العروض البريطانيَّة، و"إذا قدم البريطانيون عرضاً على الطاولة، وفي الوقت ذاته قدمت بلغاريا مثلاً عرضاً مماثلاً، فإنه سيكون متفائلاً تجاه العرض البلغاري، لأنَّ الشكوك حوله ستكون أقل". هذا ما قاله. لكنني وجدت فيه مركزاً للقرار واضح المعالم، وأنه من الممكن عقد صفقة معه في حال تم التوصل الى صفقة، فهو الرجل المناسب الذي ممكن أنْ يضمنها، أو قد يؤدي الى إفسادها بغيابه. ثم عاد صدام في الحديث الى منطلقه الأول قائلاً: إنَّ العراق لا ينوي أنْ يلقي بثقله مع الكتلة 
السوفييتيَّة.
ثم يقص التقرير انطباعاً شخصياً عن صدام بأنه كان "يبتسم!"، بطريقة جاذبة تختلف عن باقي البعثيين، لكنه يبدو جاداً أكثر منهم. وفي ختام اللقاء، طلب السفير منه كلمة أخيرة عن موضوع شركات النفط، وقال صدام: أنا متأكد أنَّ العلاقات العراقيَّة البريطانيَّة ستشهد انعطافة إيجابيَّة مهمة". وحين أبديت ملاحظة حول تسليح العراق بالاعتماد على السوفييت كلياً: قال صدام: الأمر ليس بهذه الصورة القاتمة، نحن نرغب بفتح منافذ تسليح جديدة مع الأوروبيين، ومع فرنسا وبريطانيا 
تحديداً".
وينتهي التقرير بتوقيع السفير أتش .جي. بالفور باول. وبإيداع نسخة منه الى وزارة النفط البريطانيَّة.