زيارة البابا.. بناء للجسور ورسالة أخوة وتذكير بالأصل المشترك

بانوراما 2021/03/04
...

سندي وودن
ترجمة: ليندا أدور
بالرغم من الظروف الصعبة التي فرضتها جائحة كورونا والمخاوف الأمنية المستمرة، إلا أن قداسة البابا فرنسيس عازم على المضي في زيارته للعراق لإظهار التقدير والتكريم لمسيحييه وأقلياته الأخرى، التي تعرضت للظلم والاضهاد بسبب معتقداتها، كما يسعى من خلالها لتعزيز التزام الغالبية بخلق مستقبل آمن يسوده السلام والوئام. كحاج، سيزور البابا عددا من الكنائس التي تعرضت للتدمير على يد عصابات داعش الإرهابية، أما كزعيم ديني عالمي، فسيعقد البابا خلال زيارته لقاء بين الأديان، بالقرب من مدينة أور، مسقط رأس النبي إبراهيم.
 
أنتم جميعا أخوة
تقول شهرزاد هوشماند زاده، عالمة اللاهوت التي درسّت في الجامعة البابوية الغريغورية في روما بأن: "البابا فرنسيس هو أب بصدق، لأنه، بالفعل، يريد أن تتحد البشرية جمعاء"، مضيفة: "ليس فقط الكاثوليك والأرثوذوكس والبروتستانت-لكنه يسعى لتوسيع عناقه هذا ليشمل العالم الإسلامي كذلك". 
تشير هوشماندزاده، في حديثها الى أن عقد الملتقى بين الأديان في مكان مولد سيدنا ابراهيم الذي يعد مؤسس العقيدة التوحيدية في اليهودية والمسيحيية والإسلام، بقولها: "يمكن لهذه الزيارة أن تهز ضمائر الناس لتذكرنا بأصلنا المشترك"، مضيفة "فهي أشبه ما تكون بالذهاب الى المنزل لنلتقي فيه أخوتنا وأخواتنا مرة أخرى".
 
كنيسة الشهداء
عن أهمية توقيت الزيارة، تقول ريجينا لينش، مديرة مشاريع الجمعية الخيرية الكاثوليكية لمساعدة الكنيسة المحتاجة، بأنها: 
"تأتي في وقت ليس بالهين وليس الأمر بالسهل، جراء جائحة كورونا، فهو تعبير قوي للغاية، فهذه الزيارة هي دليل على أن الكنيسة الكاثوليكية صانعة للسلام والمصالحة 
والتطور".
بدوره، يقول مايكل لا سيفيتا، مدير الاتصالات لدى جمعية رعاية الشرق الأدنى الكاثوليكية ومقرها نيويورك، ان هذه الزيارة ستخبر مسيحيي العراق بأنه: "على الرغم من تناقص أعدادهم المستمر، الا أن هناك شخصا ما في الخارج يهتم لأمركم وأن هذا الشخص هو أسقف روما، البابا بنفسه"، اذ ان ما نسبته 80 بالمئة من مسيحيي العراق هم من الكاثوليك الشرقيين، ينتمون الى كنائس كلدانية وسريانية 
وأرمنية. 
"سيكون هناك، ليكون شاهدا، وليعبر عن تضامنه مع كنيسة الشهداء" يقول لا سيفيتا مشيرا الى أن مسيحيي العراق "يدركون تماما أنه وبسبب هويتهم، العرقية 
والدينية، فهم معرضون، وفي أي وقت، للشهادة بسبب هويتهم".
على مدى السنوات الـثلاثين او الاربعين الأخيرة، قدم أفراد الكنائس الكاثوليكية الشرقية والسريانية الأرثوذوكسية والآشورية الشرقية دليلا على "مسكونية الدم"، ووحدتهم في الشهادة، "فهذه الكنائس غرقت بدماء شهدائها" وفقا 
للا سيفيتا. 
تنوه لينش الى ان زيارة البابا المقررة تظهر لهؤلاء المضطهدين بأنهم جزء من الكنيسة العالمية"، مضيفة "ان المسيحيين في العراق كانوا أقلية على مدى القرون الماضية، ومع ذلك، كانوا يمثلون جسورا بين الجماعات 
المختلفة".
 
خميرة مجتمع جديد
 سبق للينش أن زارت العراق، وأربيل تحديدا، في العام 2014، بعد أسبوع من بدء وصول موجات النازحين من المسيحيين الى المدينة هربا من بطش عناصر داعش الإرهابية، تقول: "أتذكر شخصا أو اثنين كانا يرويان كيف كانوا يفرون من منازلهم، حاملين من الضروريات فقط معهم لأن عليهم المغادرة سريعا، وشاهدوا كيف ان بعض الجيران السابقين كانوا يدخلون منازلهم لينهبوها في مشهد مؤثر ويشعر بالمرارة". 
كان من ضمن برنامج المساعدات التي قدمتها منظمة "مساعدة الكنيسة المحتاجة" الخيرية الى مسيحيي العراق للعودة الى منازلهم وقراهم، الى جانب إعادة بناء منازلهم، هو شجرة زيتون، شجرة الثمر والزيت، ليزرعوها في بيوتهم رمزا للمحبة 
والسلام.  
وصفت هوشماند زاده لقاء قداسة البابا فرنسيس بالسيد علي السيستاني في النجف، المدينة ذات المكانة الخاصة لدى المسلمين، حيث مرقد الإمام علي؛ صهر النبي محمد، بأنه "مهم جدا وللغاية"، كون هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها البابا دولة تتمتع بأغلبية شيعية، وأن السيد السيستاني لا يحظى بالتقدير والاحترام فقط في العراق، بل على مستوى 
العالم. 
تقول زاده: "إذا كان الزعماء الدينيون غير قادرين على التعاون من أجل صالح الإنسانية، فهم ليسوا بقادة حقيقيين او 
صادقين". 
بدوره، رحب الأب كسار، باللقاء قائلا: 
"انه ذو أهمية بالغة لأنه يبعث برسالة مفادها بأن زيارة البابا ليست للمسيحيين فحسب، بل هدفها "بناء جسور" وهو الأمر الذي يعد أنه مهمة المسيحيين كذلك في بلادهم، مشجعا إياهم على الاندماج وعدم البقاء منغلقين في إشارة منه "الى التلاميذ ومريم العذراء في العلية قبيل حلول الروح القدس"، بل أن يخرجوا ليكونوا هم خميرة المجتمع 
الجديد.