وصولا إلى حكومة الكترونيَّة متى تكون لدينا أتمتة صحيحة

ريبورتاج 2021/03/04
...

   ذوالفقار يوسف
دخلنا عصر ثورة المعلومات والتكنولوجيا، وبالرغم من ذلك لم نستطع أن نميز حجم الاختلاف بين مستويات فهمنا لهذه الوسائل والدول التي استطاعت تسخير هذه الادوات لتسهيل مهامها، فقد بدأت الحكومات قبل ذلك باستخدامها لتسيير وتيسير اعمالها خدمة لمواطنيها، وقد فلح العديد منها بذلك، الا اننا ما زلنا نعاني من عدم تطبيق هذه الانظمة بصورة صحيحة، ما يجعلنا اسفل هرم التطور التكنولوجي في هذا الجانب.
إن تقديم خدمات الشبكة للمستفيدين بشكل صحيح من قبل الحكومة، هو الهدف الاول لتحصيل الفائدة العامة بصورتها المثالية، فالاتمتة كنظام تلقائي لا بد من تحقيق فائدته الكاملة للافراد والمؤسسات بشكل عام، وها نحن اليوم نرى اننا بعيدون كل البعد عن النجاح بهذا المشروع، فضلا عن اعطاء صورة سلبية عن هذا النظام بسبب سوء استخدامه او بالاحرى استخدام جزء بسيط منه لا نستطيع أن نقول عنه انه ذو فائدة للمواطنين.
 
شريان المنظمات
يعتقد الكثيرون أن توفير اجهزة الكترونية حديثة مرتبطة بنظام ما، هو تحقيق الاتمتة الصحيحة والحقيقية للاستفادة القصوى من هذه الوسائل، فمنذ دخول اجهزة الهاتف الذكية منذ عام 2004 للبلد، اضافة الى انتظار دام لثلاث سنوات بعدها لدخول الشبكة العنكبوتية، وكبلد متأخر في هذه الثورة المعلوماتية وانظمتها التكنولوجية، كان لابد من ايجاد طريقة لتحسين اداء شؤون الموظفين في الحكومة وبالتالي تقديم خدمة جيدة لمواطنيها عن طريق اتمتة انظمتها.
الخبير التقني تحسين الشمري اكد بان تجربته  خارج البلاد، اعطته صورة كاملة لفوائد الاتمتة، ما جعله يصفها بـ(شريان المنظمات) لما تقدمه من تسهيلات للمواطن، واضاف "ترتبط المؤسسات الحكومية ارتباطاً مباشراً بالمواطن، وكل ما تم تقليل المسافة بينهما صارت الحياة اسهل، وذلك سيتحقق عندما يكون تقديم جميع الخدمات بكفاءة وجودة ويسر وفعالية.
الشمري بين أنه مع ظهور الوسائل الحديثة والمتطورة في ظل العولمة والتجارة والادارات الالكترونية، كان لا بد من التوجه نحو اساليب يكون الانتاج فيه مرافقاً لمعطيات تختلف عما كان  قبل ظهور هذه الادوات، فاصبح من السهولة على المواطن أن يقلص زياراته لدوائر الدولة من خلال هذه الانظمة، منوهاً بأن كل شيء حالياً موجود عبر الهاتف الذكي الذي يحوي خدمة الانترنت، فضلا عن البرامج الخدمية التي توفرها المؤسسات للمواطنين على مدار 24 ساعة في اليوم لخدمتهم بصورة كاملة.
ويتحسر الشمري كما الكثير من العراقيين على عدم توفر هذه الوسائل، واذا توفرت فهي لا تعمل كما يجب، ان الانظمة الالكترونية وادواتها وسائل تختصر للمواطن ما يواجهه من صعوبات في اكمال معاملاته الحكومية.
 
اقتصاد واختصار
لم يتوقف الامر عند توفير بيئة الكترونية حقيقية هدفها تسهيل المهام، بل اتجهت العديد من الحكومات الى استبدال النظام التقليدي المعتمد على الاوراق والموظفين بنظام تلقائي الكتروني يربط  المواطن بالخدمات التي توفرها الحكومة له، نمير علي (44عاماً) يؤكد أن العمل بنظام اتمتة صحيح هو اختصار لوقت الطرفين، فضلا عن سرعة الاجابة والدقة التي ترافقها، وعدم الحاجة الى المراجعة من اجل عرض الطلب وانتظار الاجوبة.
واضاف علي أن نظام الدوائر الآن بات سيئاً جداً بالمقارنة مع الايام السابقة، لهذا يجب استثمار التكنولوجيا بصورتها المتكاملة من خلال السير على خطى الدول المتقدمة، واذا نجحنا بذلك فهذا يوصلنا الى الكثير من جوانب الاقتصاد والاختصار، منها ايصال المراسلات التقليدية الى حدها الادنى خارج وداخل الدائرة، وبالتالي ايجادها بسهولة من خلال ارشفتها الكترونياً، وهذا يؤدي بالتالي الى الاقتصاد بأماكن الخزن، والاهم من ذلك هو توحيد المعاملات بسهولة ويسر وجودة.
 
نهاية الطوابير
يحاول نمير علي أن يعطي سياقاً مرناً للوصول الى الفائدة العظيمة من نظام الاتمتة الذي تعمل به الدول منذ سنوات، اذ ما أن تدخل لدولة اجنبية الا وتجد المزايا التي ترافق حملك لجهاز الهاتف المحمول وتطبيقاته الخدمية المتنوعة، رعد ناصر(36 عاماً) هو الاخر قد لمس هذه الفائدة عندما وصل الى احد المطارات وقد وجد حقيبة السفر قد اتلفت، حينها استعمل خبرته كمسافر مستمر، ففتح متصفح هاتفه ليبحث عن اقرب مكان لبيع الحقائب، وقد نال مراده بذلك بسرعة وسهولة، يقول ناصر "ماذا لو استثمرت الحكومة هذه الخاصية في دوائرها الخدمية، كأن تكون وزارة الكهرباء، فموقع الكتروني رصين يجعلها تتخلص من كمية المعاملات التي تنجزها كل يوم يدوياً، او حتى مسألة الشكاوى او الجباية وغيرها من الامور التي ستختصرها لهم هذه الوسائل، وكل ذلك فقط بموقع الكتروني رصين وعامل يجيد استخدامه وتحديثه".
 فضلاً عن هذه المواقع التي لا بد لكل دائرة حكومية العمل بها، كان لا بد من التوجيه الدعائي لهذه البرامج التي ستحل محل الاوراق وزخم المواطنين والطوابير اليومية التي تعاني منها المؤسسات الحكومية، فناصر قد عانى اكثر من مرة من عدم معرفته لمكان دفع جباية الطاقة الكهربائية، لذلك فإن هذه المواقع والبرامج هي الوحيدة القادرة على تسهيل مهمته والمواطنين وبالتالي تسهيل عمل المؤسسات.
 
أنظمة المعالجة
وبينما تثير النظم التقليدية للحكومة ودوائرها العديد من المشكلات، اسست العديد من الدول وسائل تكنولوجية مهمتها وضع حلول ومعالجات فورية اذا واجهتها مشكلة، ان التخلص من العقبات هنا يكون بشكل سريع ودقيق، فمن استرجاع الملفات والوثائق المهمة عن طريق هذه الانظمة الى ارشفة هذه الوثائق الكترونيا، وحتى عرض البيانات الرقمية والاحصائيات بصورة سريعة وفورية.
سلوان عادل الموظف في احدى دوائر الدولة والذي يعاني من عمله الشاق يومياً، بسبب بحثه المستمر عن الوثائق والملفات التي تتكدس في غرف الارشيف، يبين انه " لا بد من وجود بديل حقيقي لمعاناتي اليومية التي تحدث بسبب اسلوب الارشفة التقليدي، اذ ان بذلك سيتم تقليل توقفات العمل لانسياب البيانات الكترونيا وبصورة سهلة.
 
مواقع مهملة
وما زالت العديد من الدوائر تطلق الحجج والاعذار لعدم العمل بنظام الاتمتة، فبعضها تقول ان تكلفة الاجهزة الالكترونية الباهظة هي السبب بعدم استخدامنا لها والتزام العمل بادواتها المتعددة، والبعض الآخر يعزو سبب عدم الاستخدام الى عدم وجود وعي للمسؤولين بنظام اتمتة المكاتب ودورها في تنظيم وتطوير مهامها واعمالها، اما بشكل عام فسوء خدمة الانترنت وتكلفة الاشتراك به هما السببان اللذان اعتاد الكثيرون التمسك بهما.
حيدر والي (32 عاماً) هو الاخر قد وضع الاسباب التي تمنعنا من العمل بهذه الانظمة وقال: "ان توقف الاتصالات هو الخطر الكبير الذي يهدد اعمالنا ما ان اعتمدنا على نظام الاتمتة فيها، فضلا عن سوء خدمات الطاقة الكهربائية التي هي الاساس بعمل هذه الآلات".
والي خائف جداً من احلال التكنولوجيا وانظمتها محل وظائفهم وبالتالي الاستغناء عنهم في المستقبل القريب.
اما المواطن عمر العزاوي (44 عاماً) فيبين ان السبب الرئيس في عدم تطبيق هذه الوسائل التي هدفها تسهيل مهام المواطنين في دوائر الدولة هو اهمالهم لهذه الانظمة ووسائلها المتعددة، ويؤكد " انك ما ان تدخل الى موقع رسمي الا وتجد ان هذا الموقع غير رصين، ويفتقد الى المتابعة من قبل الدائرة، فالاهمال واضح في هذه المواقع التي من مهامها تسهيل امور المواطنين، الا ان ما لا تعرفه المؤسسات ان هذه المواقع لها اهميتها في توفير وانجاز واجباتها نحو المواطن".
العزاوي اشار الى أن هذه المواقع يجب أن تحتوي على موقع الدائرة وفروعها، اضافة الى توفير نظام شكاوى الكتروني، والاخبار يجب تحديثها بسرعة، وربطها عن طريق البريد الالكتروني الخاص بالمواطن وبهذا تتحقق الاهداف لكلا الطرفين بصورة صحيحة وسريعة.
ان اعتماد العديد من الافراد على مواقع التواصل الاجتماعي هو خطأ جسيم، اذ ما اردنا مواكبة الدول المتطورة التي تستخدم هذه الانظمة، فضلا عن الامية الالكترونية التي لم تعالج الى الان، والتي كان من الممكن أن نستفيد منها في زمن الاوبئة الذي يحتم علينا العمل بوسائل تغنينا عن التقارب الاجتماعي، لذلك لا بد من التوجه نحو هذه الادوات واستخدامها باقصى وافضل صورة.
 
نظم يدويَّة
ومن خلال توسيع مديات العمل بالانظمة الالكترونية واساليب الاتمتة المتعددة، يتم بذلك الاستغناء عن النظم التقليدية التي لا حصر لها، ومنها نظام الملفات والوثائق والارشفة والسجلات والبطاقات ونظام تحديد اوقات دخول العاملين بطرقه التقليدية، فوجود اجهزة الكترونية متطورة تحل محل هذه الانظمة بات متوفرا وسهل الاستخدام، ومثال على ذلك نظام البصمة التواجدية، وتطورها نحو نظام التعرف على الوجه والعين، ولكن تبقى هناك مشكلات تواجه هذه المؤسسات بسبب طرح السوق للعديد من الاجهزة بانواعها المتعددة، فضلا عن التكاليف التي يرافقها عدم معرفة الاجدر منها في تحقيق نظام مؤتمت يحقق النتائج التي تصبو اليها المؤسسة وبما يخدمها وموظفيها في الاستغناء عن الانظمة التقليدية التي تستنزف الوقت والايدي العاملة والمواد المصاحبة للأعمال المقدمة للمواطنين.