الخلافات التي تأكل كل شيء!

منصة 2021/03/17
...

ربيع نادر

 
 
سيكون مفهوما وجود هذا الطابور الطويل من الخلافات في بيئة سياسيَّة مضطربة مثل البيئة العراقية. لكنْ ما هو غير مفهوم هو أنْ يُسمح للتناكف السياسي بتجريف كل شيء!.
زيارة البابا إلى العراق كانت مناسبة أخرى للتأكد من تعاظم الهوس السياسي بالخلاف، حتى في القضايا التي يفترض أنها تمسُّ المصلحة العليا. كانت فرصة لكثيرين للتعبير عن إصرارهم على التعاطي مع كل شيء من زاوية المصلحة الشخصيَّة.
هؤلاء يشاركون عمدًا في هدم أي سقف مفيد لتطويق مساحة الاشتباك. ويظنون دائمًا أنَّ كل حدث سيكون متاحًا للاصطياد السياسي، وأنْ ينظر إليه بعينٍ حزبيَّة وطائفيَّة.
هذا الأمر ليس بجديد، بل رأيناه في قضايا أكثر تعلقاً بالمصلحة العامة، في الحرب ضد عصابات داعش الإرهابيَّة مثلًا. هناك من وقف إزاءها بوصفها انتصارًا لفريقٍ سياسي على آخر.
تقديم الفائدة الشخصيَّة عائدٌ الى استحكام المعايير المزدوجة، فما عاد الفساد فسادًا إلّا إذا كان كشفه سيضر خصمًا سياسيًا.
وصار الأمران يغذيان بعضهما البعض، وارتبط هذا كله بحالة تجذّر التسقيط واستخدامه في كل ما يتعلّق بالفائدة العامة.
ومن الواضح أننا اليوم بحاجة الى «مسطرة عادلة» للمحاسبة، مثلما نحتاج فرزًا واضحًا للخطوط وصولاً الى تشخيص»المشترك العام»، وإلّا سيبقى هذا الشتات طاغيًا الى أجلٍ مجهول.
مفتاح الاستقرار يبدأ من هنا، وتجارب العالم كلها تعلمنا ذلك، البلدان التي مرَّتْ بظروفٍ تشبه ما مررنا به، لم تنل مكانتها إلا عندما تمكنت من تحجيم ذلك الهوس الغريب، وعندما أدركت أنَّ المصالح الصغيرة ليس لها إلا أنْ تحيّد أمام المصالح الكبيرة الجامعة العليا.