الوسواس القهري.. مخاوف وعلامات مرهقة

ريبورتاج 2021/04/07
...

 سرور العلي 
 
هناك الكثير من الافكار التي تسيطر على أذهاننا نحو أمر معين وهو تصرف طبيعي، لكن تصبح تلك الافكار غير مألوفة حين تتحول إلى قهرية، وتقيد كل تفاصيل حياتنا اليومية، وتجعلنا نقوم بسلوك مفرط ومبالغ به، لنكتشف فيما بعد بأننا مصابون باضطراب الوسواس القهري.
نعمة أم نقمة
أم حسين (55) عاماً، مهووسة بالنظافة والافراط في استخدام الماء والصابون، ومواد التعقيم والتطهير، اذ  قالت عن ذلك: "أحرص باستمرار على النظافة، فأنا شديدة الخوف من العدوى والجراثيم، لاسيما أننا اليوم في وضع صحي متدهور، فهذا الوسواس ربما ينقذ أسرتي من فيروسات فتاكة".
أما الموظف محمد حسن (38) عاماً، فيعاني من قلق نسيان هاتفه المحمول ومحفظة نقوده، إذ تنتابه وساوس حول ضياعهما، ليكرر البحث عدة مرات في جيوبه، وقال : "عملي يتطلب جهدا وحرصا حتى أصبحت مهووسا بتفقد كل أشيائي بصورة متكررة".
الدكتورة ناز بدرخان السندي أوضحت حقيقة هذا الاضطراب: "نحن نسميه اضطرابا وسواسيا، بسبب تحوله إلى مرض لأنه نوع من القلق، وهذا يبدأ بالتطور ثم يصبح بدرجة مرتفعة، ليشكل للشخص مرضا، ويصيب بعض الأشخاص الذين يكونون غير واعين، وينتبه الأفراد الآخرون لتصرفاتهم".
 
أشكاله
يتمثل الوسواس القهري في الخوف من عدوى المرض، أو الجراثيم ومن انتقال الفيروس، فالقلق والخوف موجودان لدى كل انسان لكن هناك من يكون لديهم بشكل مبالغ به ومفرط، إذ يظهر عليهم في تصرفاتهم وسلوكهم، إذ بينت السندي "توجد الكثير من المخاوف كالخوف من التلوث أو تكرار النظافة، وهي كلها أنواع للوسواس التي تصيب الانسان، لذا نرى ان أغلب المصابين بها يكررون سلوكا معينا كغسل الأيادي بالماء والصابون أكثر من مرة، أو هناك من يغلق باب منزله ثم يعود للتأكد من غلقه عدة مرات، أو القلق من اطفاء الطباخ، وهذه اعراض تظهر على المضطرب بالوسواس ".
وأشارت السندي إلى أن "هناك مصابين يشعرون بالخوف من ملامسة الآخرين أو مصافحتهم، ويمتنعون أحيانا عن تناول كل ما يقدمه لهم الآخر أو المطاعم والمحال، وتظهر في كثير من الأحيان عليهم التهابات جلدية أو تساقط في الشعر، بسبب تكرارهم للغسل والنظافة، واستخدام الماء بشكل جنوني، ويصاب هؤلاء بالشك المرضي، وليس الطبيعي ويعتادون على سلوكيات غير طبيعية".
 
أنواع
وللوسواس القهري أنواع عديدة، منها تكديس الأشياء والأثاث القديم والاحتفاظ به، والاصرار على عدم رميه، وتكرار تنظيم الاشياء، وترتيبها بدقة مبالغة، ووسواس النظافة المفرطة، ووساوس الأفكار الجنسية، والغضب والعنف، وتكرار الصلوات والوضوء، والشك ببطلان الوضوء، ما يدفع ببعض المصابين به إلى ترك الصلاة أو اعادتها، وهناك وساوس تختلط على الفرد، اذ يظهر من حين لآخر نوع معين على سلوكياته. 
 
أسباب
أما عن الأسباب فلفتت السندي إلى أن "الاضطراب يعود لسببين، أولهما بايولوجي، وهو انتقال وراثي وجيني، وإلى الآن لم يكتشف الجين الذي ينقل هذا الاضطراب، لكن يقال بأنه قد يكون تابعا للعامل البايولوجي، أو نتيجة تغيير كيميائي يحدث في جسم المصاب أو دماغه، والسبب الآخر بيئي، كتقليد الطفل لوالدته حين يشاهدها تتصرف بسلوك معين ومتكرر، فيتعلم منها أو يحصل حدث أمامه، فيترك أثرا نفسيا بداخله، ليصبح بالتالي لديه هذا الاضطراب، فمثلا يشاهد دماء في الشارع، أو يرى طعاما ليس نظيفا، فيخلف في ذهنه وذاكرته أثرا، ليصبح مضطربا".
 
أعراض أخرى
إذا زاد هذا الاضطراب لدى الانسان يصاب بالاكتئاب، وتصاحبه مشكلات مرضية أخرى بسبب التفكير الزائد والشك، ويفكر أحيانا المصاب به بالانتحار، نتيجة عدم تحمله وعيشه بدوامة القلق، لذلك فهو مرض خطير، إذا تجاوز حده، وأصبح بدرجات مرتفعة.
 
العلاج
هناك نوعان للعلاج، أما علاج نفسي أو دوائي، بحسب الحالة ودرجة الوسواس الموجود لدى كل شخص، إذ اكدت السندي ان "العلاج النفسي يتضمن برامج خاصة تتبع من قبل المعالجين والمختصين النفسيين والخبراء بالمجال السيكولوجي، والعلاج الدوائي هو وصف بعض العقاقير من قبل الطبيب النفسي، لعلاج الاضطراب كمضادات الاكتئاب، التي تفيد في علاج المرض".
وبينت السندي "بعض المرضى يحتاجون إلى نوعين من العلاج معا، نفسي ودوائي، وبالتالي تتحسن حالتهم، لهذا السبب يجب عدم ترك واهمال المصاب بالوسواس القهري، لاسيما الشخص الذي ما زال في بداية المرض، للمساعدة بعلاجه بأسرع وقت، للحد من وصوله لمراحل متقدمة، لكي لا تكون تصرفاته عادة وسلوكا يوميا يقلده بقية أفراد الأسرة".