المقاتلة الشبح من الجيل السادس.. قدرات فائقة

بانوراما 2021/04/13
...

  كرس أوزبورن
 
 ترجمة: أنيس الصفار  
مقاتلة من الجيل السادس، خفية، تطير أسرع من الصوت باستقلال شبه كامل، تناور دون أن تلتقطها وسائل الرصد مخترقة المجال الجوي المعادي المدجج بالسلاح، متفادية مجسات الرادار لتشوش على انظمة السيطرة والتحكم لدى العدو بأسلحة الكترونية، ثم تجمع وتحلل وتبث بيانات استهداف محددة على نطاق رقعة شاسعة وتضاريس مختلفة في فترة زمنية لا تتعدى اجزاء الثانية، مستخدمة قدرات كومبيوترية معززة بالذكاء الاصطناعي، تطلق هذه المقاتلة مجاميع من الطائرات المسيرة الصغيرة التي تبقى ملازمة لها وتواصل هي توجيهها وإدارتها، وتطلق قذائف صاروخية أسرع من الصوت وتحرق الطائرات المعادية بأسلحة ليزرية عالية الدقة تطلقها المقاتلة النفاثة، وخلال ذلك كله تواصل الطيران طول الوقت بسرعة عالية وخفاء يحولان دون استهدافها من قبل العدو. هذا الذي وصفناه كله قد يبدو مهمة نظرية، ولكن دعنا نتقدم به خطوة اخرى الى الأمام، ماذا لو ان هذه المقاتلة من الجيل السادس لن تكتفي بأداء تلك المهام العديدة باستقلال تام، بل تكون مغطاة ايضاً بطلاء قابل لتجديد نفسه، أو حتى بدرع مركب تستخدم فيه مواد حيوية اصطناعية، تعيد تجديد وإصلاح الهياكل والبنى الخارجية التي قد تفقد أو تتضرر بفعل نيران العدو؟ 
هذا كله ربما سيصبح حقيقة مجسدة في العام 2030.
 
حروب مستقبليَّة
التنفيذ الجماعي المشترك لهذه المزايا التقنية، التي لا تزال قيد التطوير حالياً، وضمها معاً بنسق التراصف يعتمد بالكامل تقريباً على تواصل خطى البنتاغون والابتكار الصناعي اللذين يناضلان الآن للتحضير لبيئة الحرب المستقبلية المجهولة، أو بالأحرى الغامضة، واستقرائها مسبقاً. تحقيق هذه الأمور ودمجها معاً بحيث يتمم بعضها بعضاً وفق نمط منسق، يتطلب فكراً ذا منظور مصحوباً بقدر من الحدس والقدرة على الدمج الدقيق بين الفن والعلم اللذين يجمعان بين التنظير المفهومي بأرقى صوره والدلائل المبكرة على تحقق الوعد العلمي بالنحو الذي نتمناه.
هذا المزيج المعقد الذي تلحّ الحاجة اليه من الرهافة الحسية والعلم يجمع في رؤاه كل ما تصبو لتحقيقه كثير من مساعي البنتاغون، استعداداً لنمط من الحروب قد لا يتحقق إلا بعد عقود من الزمن، وهذا هو السبب وراء تأسيس كيانات مثل “لوكهيد سكانك ووركس” التابعة لـوكالة “مشاريع بحوث الدفاع المتقدمة”، ووحدة “المفاهيم والتقنيات المتقدمة” التابعة لـ “رايثون”، لاستطلاع حدود وآفاق ما يبدو اليوم مستحيلاً وابتكار تقنيات تناسب انماط حرب لم تدخل حتى حيز الخيال بعد.
رغم ان العديد من اصناف الوحدات التي ذكرناها كانت معروفة جيداً وعاملة منذ عقود فإن وحدة “المفاهيم والتقنيات المتقدمة”، المعروفة اختصاراً بالأحرف “أي سي تي”، لم تبرز الى الوجود تماماً إلا خلال السنوات الثلاث او الخمس الأخيرة، لقد كان الابتكار والبحث الأساسي والتمارين الحربية والتحضير لحروب المستقبل نصب الأعين دوماً لدى جهات مثل “أي سي تي”، حيث ظهرت تلك الوحدة كجزء من مسعى يبغي تسخير وتعزيز افضل واقصى ما يمكن ان يصل اليه الفكر الواعد والارتقاء به الى حد الكمال، شأنها شأن وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية التابعة لوزارة الدفاع الأميركية “داربا”، أو “لوكهيد سكانك ووركس” فإن “أي سي تي” قد تكون اوسع من ان تحدد بحدود، رغم هذا هنالك بعض المساحات الآخذة بالظهور الان وهي تبشر بآمال معينة، مثل تلك التي اشرنا اليها في السيناريو المفترض لمقاتلة الجيل السادس أعلاه. يقول “تاي فتزجيرالد”، نائب رئيس وحدة المفاهيم والتقنيات المتقدمة التابعة لـ “رايثون”: “ما نتطلع اليه هو ايجاد حلول مبتكرة وتكنولوجيا مدمرة تتصدى لتحديات مثل تلك التي تركز عليها برامج وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية “داربا”، فنحن لسنا دار أبحاث خالصة بل نعمل على تطوير تقنيات جديدة لا نلبث ان ننقلها الى أرض المعركة.”
تركيز وتصغير
يعمل في وحدة “أي سي تي” التابعة لرايثون اكثر من 1000 عامل، منهم الباحثون والمهندسون والأكاديميون وغيرهم من المختصين مهمتهم استكشاف مئات البرامج التي تركز على تقنيات المستقبل القريب والبعيد. فهي تعمل مثلاً على تطوير منظومة سلاح ليزري عالي الطاقة تستخدم منظومة استهداف متعددة الاطياف بمقدورها اجراء عمليات مسح بالليزر والرد على هجمات الطائرات المسيرة من على متن مركبات قتال تكتيكية خفيفة عالية السرعة.
يقول فتزجيرالد: “قبل سنوات قليلة كانت منظومة سلاح الليزر عالي الطاقة مجرد تصورات عندنا، لكنها الآن انتقلت من لوحة التصميم الى مرحلة التسليم الفعلي في غضون اقل من 24 شهراً”. 
معظم المبتكرات في مجال اسلحة الليزر عالي الطاقة، وغيرها من التطبيقات المماثلة، لا تتمحور فقط حول وضع مخططات هندسية لمصادر طاقة كهربائية قابلة للحمل والانتقال، بل ايضاً لبناء صيغ منها اصغر حجماً واكثر قدرة على التكيف قابلة للنصب والاندماج على منصات إطلاق فائقة السرعة. هذا القول يصدق على اسلحة الليزر بشكل خاص لأنها في ميدان العمل منذ سنوات عدة، ولكنها بقيت مقيدة بالعمل من على منصات كبيرة.
على اساس هذه النظرة يتمحور حشد أرفع درجات التكنولوجيا في مجال أسلحة الليزر حول الحاجة لانتاج اسلحة ذات طاقة محرقة ووضع تصاميم هندسية، لما يقتضيه هذا الأمر من وسائل توفر لها من القدرة وصغر الحجم وخفة الوزن ما يسمح بتركيبها بنجاح على متن مقاتلة شبح مع الاحتفاظ بما يكفي من القوة لتحقيق الآثار المدمرة المتوخاة منها.