اعداد : الاسرة والمجتمع
كثيراً ما يستخدم التهديد كوسيلة تربوية، يحاول من خلالها الوالدان ضبط بعض سلوكيات الأبناء، بإجبارهم على الطاعة من خلاله؛ لعمل ما يعتقدان نفعه من دون إدراك الأبناء لذلك، على اعتباره أسلوباً مختصراً يوفر الوقت عليهما، بدلاً من الحوار والاقناع، لاسيما إن كان أحد الأبناء يحب الجدال، ويتخذ منه أسلوباً في المواقف المختلفة مع الوالدين، أو لانخفاض التواصل بينهما، فضلاً عن استخدامه مع تكرار الابن للسلوك السلبي والإصرار عليه، اذ يضطر الوالدان لاستخدامه على اعتبار أن التهديد والوعيد هما بوابتا الطاعة والعقاب الرادع للسلوك بحسب وجهة نظرهما.
غير أن الواقع يُثبت عكس ذلك تماماً، فالسلوك الإيجابي إن لم يصدر عن قناعة ذاتية، فإنه لن يتكرر مرة أخرى، وكذلك السلوك السلبي قد يتوقف تحت التهديد والخوف؛ لكنه يعود بمجرد غياب مصدر الخوف، ويترك آثاره السلبية في الناحية السلوكية والنفسية والانفعالية أيضاً.
فمن الناحية السلوكية فإنه يعمل على زيادة العناد، وزرع بذور العدوان والعنف لدى الأبناء، نتيجة إكراههم دون اقناعهم، كما ان الحالة الانفعالية السلبية التي يخضع لها الأبناء نتيجة كثرة التهديد، كالقلق والارتباك اللذين يدفعانهم للكذب بالقول، أو بإنكار السلوك والظهور بالانضباط أمام الوالدين مع الاحتيال، بفعل ما يريدونه في الخفاء، فضلا عن الشعور بعدم الأمان، ما يهز ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم بحاجة بشكل دائم لمن يوجههم ويعلمهم الصواب من الخطأ، ويقتل فيهم المبادرة خوفاً من العقاب، ولذلك كله أثره السيئ في النمو السوي لشخصياتهم في المستقبل.
ومن المهم أن يستخدم الوالدان بدائل تربوية عن التهديد، تؤتي نتائج أفضل منه و من دون آثار سلبية منها أن يجعلا من الحوار والاقناع منهجاً حياتياً في مواجهة جميع العوائق التربوية مع الأبناء؛ ليكون تطبيق السلوك أو الامتناع عنه، وفق قناعة ذاتية داخلية.