جائحة مسلسلات رمضان

منصة 2021/04/20
...

 عفاف مطر 
كالعادة ومثل كل عام، يأتي شهر رمضان وتجتاحنا مسلسلاته كالجائحة، لدرجة أننا لا نعرف كيف نقرر ماذا نتابع ومتى؟ المقطع الإعلاني أو ما يمسى بالـ “برومو”، لكل مسلسل عادة يكون مبهراً، وهذا شيء طبيعي لأنَّ صنّاعه يأخذون أجمل اللقطات من أقوى المشاهد وأقوى الحوارات ويمزجونها بطريقة تجعل المشاهد يتساءل عن أحداث المسلسل وشخوصه.
وبالتأكيد حين يتساءل سيقرر باللاشعور أنْ ينتظر عرض المسلسل ليعرف الإجابة، ولأنَّ كل بروموات المسلسلات تقريباً قوية، فبالتأكيد سيختار البرومو الأقوى بالنسبة إليه، أو البرومو الذي يرى فيه أبطاله المفضلين. بيني وبينكم لا يهمني الأبطال ولا البرومو، بل الإنتاج، كلما رأيت إنتاج عمل ما قوياً، أراني أتابع على الأقل الحلقات الأولى منه ليتبين لي ما إذا كان يستحق المتابعة أم لا؟ وسبب ذلك، أني جربت طريقة البرومو وطريقة أبطالي المفضلين، لكنْ، للأسف لم يكونا معيارين مناسبين وكافيين لجودة المسلسل، لا سيّما أننا نتحدث عن متابعة تلفزيونيَّة تمتد لثلاثين يوماً، وهو أمر أصبح مرهقاً بعد ظهور المنصات التي لا يتجاوز عدد حلقات أطول مسلسل عن اثنتي عشرة حلقة. وفكرة الإنتاج القوي جاءتني من أنَّ المنتج أو القناة التي تصرف مبالغ خرافية على عملها، لا بُدّ أنها اختارت النص المناسب بداية لتصرف عليه كل هذه الأموال، قد يبدو للبعض أنها فكرة سطحيَّة ومعيار مضلل، لكنها نجحت بالنسبة
لي. 
أراهن أنَّ مسلسل دفعة بيروت للكاتبة هبة مشاري حمادة هو الأفضل والأقوى حتى الآن، جاء هذا المسلسل بعد نجاح الجزء الأول الذي عرض في رمضان الفائت تحت عنوان دفعة القاهرة، والعملان يدوران حول مجموعة من الطلبة العرب الذي يبتعثون الى القاهرة في الجزء الأول، وبيروت في الجزء الثاني، في ستينيات القرن الماضي.
هبة مشاري حمادة هي الأفضل في اختيار الحقب الزمنيَّة واللوكيشنات ورسم الأحداث الإنسانيَّة بطريقة أكثر من رائعة، يضاف إليها حبكة قوية تنم عن قدرة غير مسبوقة في كتابة السيناريو، تُعبر عن شخوصها بصورة حقيقيَّة تفتقدها أغلب الأعمال العربيَّة، أغلب نجوم الجزء الثاني هم نجوم الجزء الأول مثل فاطمة الصيفي، ونور الغندور ولولوة الملا، ونجوم يشاركون لأول مرة في الجزء الثاني، من سوريا أنس طيارة ومن العراق روان مهدي والنجم ذو الفقار خضر الذي يؤدي فيه دوراً رائعاً، وأحب أنْ أذكر أنَّ وجود ذو الفقار وروان مهدي أضفى النكهة العراقيَّة على المسلسل، لا سيّما أنَّ ذو الفقار في العديد من المشاهد نراه ممسكاً عوده ويغني أغاني عراقيَّة، تلك التي اشتهرت في فترة الستينيات.
بعد دفعة بيروت (بالنسبة لي) يأتي المسلسل السوري (على صفيح ساخن) من بطولة عبد المنعم عماريري وباسل خياط، وهو عمل استثنائي حقيقة؛ وأدى كل من عمايري وباسل دوره بطريقة أقل ما يقال عنها هوليوودية. ومن ثم المسلسل السعودي (اختراق 2) بطولة الفنان السعودي طلال السدر، والفنان المصري أحمد عيد، والرائع في هذا المسلسل أنه يتناول قضايا لم يسبق للدراما الخليجية أنْ تطرقت إليها، ففي الجزء الأول (اختراق1) كان يتناول قصة شاب سعودي ابتعث الى أميركا لإكمال دراسة الطب، لكنْ بعد تفجيرات سبتمبر يقبض عليه ويُسجن في غوانتانامو من دون تحقيق أو محاكمة، وهي قصة حقيقيَّة وبطلها ما زال في السجن حتى هذه اللحظة، أما الجزء الثاني (اختراق2) فيتناول قصة طبيب يجد تركيبة طبية تساعد في الشفاء من مرض السرطان، لكنَّ شركات الأدوية الكبيرة لا تسمح لهذه التركبية الناجحة والرخيصة أنْ تنتشر في العالم، وإلا ستفقد مليارات الدولارات التي تكسبها عادة، المسلسل دراما أكشن، ومن ثم مسلسل (2020) بطولة نادين نجيم وقصي خولي، بعد نجاحهما في رمضان الفائت في مسلسل (خمسة ونص).
هذا بالنسبة للدراما، أما بالنسبة للكوميديا، فيأتي أولاً مسلسل (ممنوع التجول) للنجم السعودي ناصر القصبي، وقد حققت الحلقة الثالثة منه الترند الأقوى على تويتر لأنها كانت تتحدث عن التمييز العنصري الذي ساد الخليج ضد الجنسيات الآسيوية بعد انتشار جائحة كورونا. ومن ثم مسلسل (فارس بلا زواج) بطولة المطرب مصطفى قمر، بعدها مسلسل (ستوديو 21).
أما بالنسبة للمسلسلات العراقية، فلم يجذبني أي برومو ولا أي ممثل، ولا أي إنتاج، ومن تاريخي مع متابعة المسلسلات العراقيَّة، أرى أنها تحتاج جهد مئة عام كي تلحق بالسباق الرمضاني العربي.