العلم المزيّف!

منصة 2021/04/20
...

قيس قاسم العجرش
 
المصطلح يبدو متناقضاً، لكنه موجود. ولنعترف أنه أمرٌ مُرهقٌ أنْ نخضعَ كل شيء نسمعه ونتلقاه الى مقياسٍ علميٍ صارمٍ كي نعلم أنه ليس زيفاً.
ريتشارد فاينمان (الحائز نوبل للفيزياء 1965)، كان من أوائل الذين حذّروا الرأي العام، ومعه الصحافة من نقل القصص التي (تبدو)، وكأنها قصصٌ علميَّة، لكنها في الحقيقة ليست سوى زيفٍ مسبوكٍ، وأبرز ما في تلك الحقبة هي كثرة مدّعي مشاهدة الصحون الطائرة.
فاينمان، كرّس جزءاً عميقاً من حياته لإفهام الناس أنَّ العلوم لا تحتاج الى ما هو (غير علمي) لتثبت، كما أنَّ اللغة ليست أداة مثاليَّة لنقل العلوم، فالمعلومات الدقيقة تثبت نفسها عن طريق ظهور مصاديقها في علومٍ أخرى. كما أنَّ (الداتا)، هي فقط البرهان الواقعي ولا غيرها. وانقرض مدّعو مشاهدة الصحون الطائرة حين توفرت الكاميرا في الموبايل، وأصبحوا مطالبين من قبل عامة الناس بـ(صورة) لذلك الطبق.
ومع ذلك، نجد مثلاً أنَّ كاتباً تذيع شهرته مثل ديبك كوبرا، تنقل وسائل الإعلام السطحيَّة مقولاته واقتباساته وكأنها مقولات ذكيَّة، في الحقيقة هي ليست إلّا زيفاً لغوياً، فما معنى أنْ يقول «إنَّ الحصانة التي تمتلكها السايكولوجيا، هي قدرة الدماغ على مقاومة الأمراض القادمة من الكلمات المسمومة». أو أنْ يقول: «الرفاهيَّة تتطلب الاستكشاف!».
ونجد مصداقاً آخر لحقيقة وجود (علوم وهميَّة مزيّفة)، حين نستمع الى حوارٍ راديوي مع معالجة في مجال الطاقة الجسديَّة، وهي تكرر عبارات من قبيل: «استعادة طاقة الجسد/ مكملات روحانيَّة تعزز الطاقة الإيجابيَّة/ نخاطب مراكز الطاقة السلبيَّة ونعطّلها في الدماغ»، والى غير ذلك.
اليوم صارت المعضلة أكثر استعصاءً، مع وجود التواصل الالكتروني المفتوح، تكون العلوم الحقيقيَّة أمام تحديات غير مسبوقة، فطوفان الزيف له قدرة خارقة على التسلل. والمواساة الوحيدة هي أنَّ العِلم هو الذي يصح في النهاية، وحده يبقى مثبتاً لذاته، وعبر العلوم الأخرى سوية.