حسن عودة الماجدي
وتثبت قدرة الخالق جلّ وعلا من خلال عنصري التّنوع والتّباين في صور مخلوقاته، فقال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم- 22).
وفي هذا المقام يمكن أن نختزل قيم الروح والإيمان والتّأكيد على وحدة المواطنة بغض النّظر عن اللّون والجّنس واللّسان وإحترام الخصوصيات التّي تتمتع بها القوميات والأديان، وكذلك من الأعراف الإيجابية والقيم الإنسانية النّبيلة الهادفة، لتوثيق أواصر المجتمع وإحلال السّلام ورفض المكابرة والاغترار بالنّفس القبلية العشائرية، التّي تضرب بأطنابها الشّعوب لعدم ادراكها ما ينبغي عليها في سرّ الكتاب المنزل والسّنة الشّريفة والعقل والإجماع.
ومن كلام له (ص) إن لكل شيء شرفاً، وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة، ومن أحب أن يكون أعزّ النّاس فليتق اللّه، ومن أحب أن يكون أقوى النّاس فليتوكل على اللّه، ومن أحب أن يكون أغنى النّاس فليكن بما في يد اللّه أوثق منه بما في يده.
ثم قال (ص) ألا أنبئكم بشرّ النّاس ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده ألا أنبئكم بشرٍ من ذلك؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: الذين لا يقيلون عثرةً ولا يقبلون معذرةً ولا يغفرون ذنباً. قال: (ألا أنبئكم بشرٍ من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من لا يُرجى خيره ولا يؤمَن شرّه. ثم قال (ص) ألا أنبئكم بشرٍ من ذلك؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: من يبغض الناس ويبغضونه.
وبالعودة لعنوان المقالة يتبين لنا أن الرّكن الثّاني وهو القاسم المشترك لكل المكونات العراقية وهو الوطن الواحد الذي اتخذه الانسان سكناً له ومقراً لانتمائه، سواءً ولد فيه أم لم يلد، حيث أن كلمة الدّيار في الكتاب الكريم جاءت أو استخدمت بدلاً من الوطن، والدّيار هي التّي يدور فيها الانسان أي ينتقل من سكن الى سكن آخر، لذلك أنّ الأمان هو في الدّار الآخرة دار الخلود والسّلام. أمّا الوطنية الصّادقة طالما أنّها القاسم المُشترك بينها وبين الرّوح وهذا الإشتراك ينمُّ عن فكر وثقافة وسلوك وهوية وصحة ودين وتنمية وعلاقات وانتماء، كون الوطنية عندما سميت بهذا الاسم، فانها لم تكن كما سمّيت عندما تترك الوطن يتوجّع من الألم وأنت واقف تتفرّج، لا، بل عليك أن تجسّد هذا الوصف عندما تأخذ المريض الى عيادة التّآخي والوفاء والإخلاص لعلاجه من أمراض الفتنة بكل أنواعها ومسمّياتها الطّائفية والغطرسة العشائرية التي أصبحت ثقلاً يعيق الذي ينبغي للشّريعة والوطن.