الرحمة في رمضان

منصة 2021/04/25
...

  بيداء مهدي
الرحمة، ومعنى الرحمة معروف، غير أنه مقرون بأمور عدة في كيفية جلب هذه الرحمة. فمن ذلك أن الاية الكريمة (من سورة الاعراف/ 56): (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) فيها التأكيد على أسباب الأمل بالرحمة الإِلهية. وأول هذه الامور هو الدعاء، فالدعاء مفتاح الرحمة. ويمكن أن تكون هذه العبارة إحدى شرائط إجابة الدعاء، أي إنكم إذا كنتم تريدون أن لا تكون أدعيتكم خاوية، ومجرّد لقلقة لسان، فينبغي عليكم أن تقرنوها بعمل الخير والإحسان، لكي تشملكم الرحمة الإلهية بمعونة ذلك، وهكذا ستثمر دعواتكم، وبهذا تكون الآية قد تضمنت الإشارة إلى  شرائط قبول الدعاء وإجابته، فإن من بعض شروط ذلك القبول هو أن يكون الدعاء صادرا عن تضرّع وخفية، وأن لا يتجاوز حدّ الاعتدال، وأن لا يكون مقروناً بالإفساد والمعصية، وأن يكون مقروناً بخشية الله. وأن يكون مقروناً بالبرّ والإحسان للآخرين، وفعل الخيرات.
والذكر ايضا من أسباب جلب الرحمة، فيقول تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (الاية 152 من سورة البقرة)، فإن ذكر الله هو رحمته. وشتان ما بين ذكر الانسان وذكر الله تعالى شأنه. ومن صور ذكر الله ايضا؛ النظر الى الكعبة المشرفة، وهي رمز التوحيد الذي هو من مصاديق جلب الرحمة. كما إن الصبر على بلاء الله هو من انواع ذكره تعالى، وذلك جلي في الآية الشريفة: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (الايات 156-157 من سورة البقرة). وهناك طاعة الله سبحانه وتعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (ال عمران/ 131)، وهي من صور ذكر الله وعدم الغفلة عن معاصيه. وكذلك التقوى التي يعبر عنها بالخوف من ارتكاب ما يغضب الله تعالى والخوف من ارتكاب الذنوب (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الانعام/ 155) كما إن العفو عن من ظلمك هو من صور ذكر الله، فاذا عفوت كنت مستحقا للعفو الإلهي، فيقول الله تعالى (إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) (النساء/ 149). وفي النتيجة فإن كل هذه الامور تجلب الرحمة، واخر هذه الرحمة هي ان ترحم من هو ادنى منك منزلة وجاها ومالا وقوة بدليل الآية الشريفة: (وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ) (البلد/ 17). وان تستغفر الله دائما وتتوب اليه (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (النمل /46)، وان تخالف هواك وتجاهد نفسك في ترك ما يريده هواك وما فيه معصية الله، فإن فعلت ذلك كنت مستحقا لرحمته، وذاك هو الجهاد الاكبر (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت / 69