السحور محطة رمضانيَّة في تاريخ المسلمين

منصة 2021/04/28
...

 سعاد البياتي
 
نظرا لحرص المسلمين على طعام السحور تعددت وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم وقت السحر، ففي العهد النبوي كانوا يعرفون وقت السحور بأذان بلال، ويعرفون الإمساك بأذان عبد الله ابن أم مكتوم، ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية وتعدد الولايات بدأت تظهر وسائل أخرى للسحور فظهرت وظيفة المسحراتي في العصر العباسي، حيث يعد عتبة بن إسحاق والي مصر أول من طاف شوارع القاهرة ليلاً في رمضان لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور عام 238هـ وكان يتحمل مشقة السير من مدينة العسكر إلى الفسطاط منادياً الناس (عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة).
وفي العصر الفاطمي أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمراً بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور، ومع مرور الأيام عين أولو الأمر رجلاً للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي يا أهل الله قوموا تسحروا، ويدق على أبواب البيوت بعصا كان يحملها في يده تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة. وعلى امتداد العالم الإسلامي اتخذ المسحرون أشكالاً مختلفة، ففي عمان يوقظ المسحراتي النائمين على الطبلة، وفي الكويت يقوم المسحراتي ومعه أولاده بترديد بعض الأدعية وهم يردون عليه، وفي اليمن يدق أحد الأهالي بالعصا على باب البيت وهو ينادي على أهله قائما: قوموا كلوا، وفي السودان يطرق المسحراتي البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوساً ودفتراً به أسماء أصحاب البيوت، حيث ينادي عليهم بأسمائهم قائلاً (يا عباد الله وحّدوا الدايم ورمضان كريم). أما في سوريا ولبنان وفلسطين فكان المسحراتي يوقظ النائمين بإطلاق الصفارة، وقبل رمضان يطوف على البيوت ويكتب على باب كل بيت أسماء أفراده حتى يناديهم بأسمائهم أثناء التسحير، وفي الأيام العشرة الأخيرة من رمضان يقول المسحراتي: (جوعوا تصحوا حديث عن سيد السادات.. له العيان بينة والتجربة إثبات.. إن كنت تسمع نصيحتي والنصيحة تفيد.. قلّل من الأكل ما أمكن بدون ترديد).
وفي المغرب العربي يقوم المسحراتي بدق الباب بعصاه ليوقظ النائمين.. وفي مصر اعتاد الصائمون على مدفع الإفطار والإمساك قبل الأذان مباشرة، حيث عرف مدفع الإفطار في العصر المملوكي، وكانت القاهرة أول مدينة إسلامية تستخدم هذه الوسيلة عند الغروب إيذاناً بالإفطار في 
رمضان.