قيس قاسم العجرش
تصوّرنا لوقتٍ طويل أنَّ شفافيَّة الحكومة في عرض بياناتها وأرقامها، وحرية الوصول الى المعلومات غير السرّية ستكون بمثابة جائزة للمتابعين. وإنَّ اليوم الذي يقف فيه مدراء الدوائر ليمنحوا كل طالب وثيقة ورقته من دون أي اعتراض سيكون قريباً وهو يوم «حرية الوصول الى المعلومة»، المنشود.
يبدو أنَّ الأمور لن تكون هكذا وهي ليست بهذا المعنى على الإطلاق. ونظرة سريعة للمعلومات المتاحة من قبل حكومات دول سبقتنا في هذه المجالات، ستكشف لنا أنَّ «شفافيتهم» لم تكن أبداً عبر أطنان من الورق نثروها على الناس.
الأمر أبسط من ذلك، لقد تحوّلت التعاملات والتوثيقات الى المجال الرقمي، وصارت الوثيقة/ المعلومة هي عبارة عن ضوءٍ على الشبكة العالميَّة. أو بعبارة أخرى، قد تحوّلت الى شكلها المثمّن بـالبايت (وحدة قياس المعلومة الألكترونية)، وصارت بعد ذلك متاحة للجميع.
ويبدو أنَّ أرقى الدول قد توقعت أيضاً أنْ يعبس الموظف في إداراتها بوجه المواطن البطران الباحث عن المعلومات، خاصة وهو يسأله عن وثيقة قديمة أو جدول أو قرار فات زمنه.
لقد توقعوا أنَّ الموظف لن يتحرّك من ذاته، ولا داعي لتوريطه بالأصل في تقديم هكذا خدمة. ليس عليك إلّا أنْ تسجل الدخول الى الموقع الالكتروني، وعبر سلسلة من البوابات التثبتيَّة يمكن تأكيد شخصيتك، وبالتالي الولوج الى المعلومات المتاحة.
نشر المعلومات الكترونياً ليس مهمة مستحيلة، ولا علاقة لها بعمليات العميل (007) السرّية الشهيرة، إنها أضواء، ستساعد الباحثين والناس عامَّة من أجل اتخاذ القرار الصحيح.
وسيسهل عمل كل جهاز رقابي يسعى إلى تأكيد واجباته وتقديم خدماته. لو أنَّ المعلومات صارت متاحة، لو أنَّ البوابات صارت الكترونية وليست بشريَّة، لو أنَّ القرار صار الكترونياً لمشى على الجميع. ولوجدنا أنَّ الإثبات و»صحة الصدور» والتزوير، كلها ستتراجع وتنكفئ.
لو.