العمل التطوعي في شهر رمضان

منصة 2021/05/02
...

  عبدالرضا موات البهادلي
 
رمضان شهر السعادة والافراح بل هو اهم المواسم في ذلك. والشهر الفضيل غني عن التعريف لأنه أشهر الشهور بلا منازع لسياحة بالزمان وطقوسه في كل مكان. ومن انشطة هذا الشهر العظيم هي تنوع الاعمال التطوعية كما ونوعا، وعلى الرغم من أن (الكشافة والعمل التطوعي) من الآخر تعبير واصطلاح، بيد أنها من قرارت ومعطيات المجتمع الاسلامي مضمونا واقرارا. غير أن الفرق والاختلاف ناتج عن التنظيم المؤسسي في الغالب والهيكلية الواضحة في ذلك. ولعل صورة (منظمات المجتمع المدني) الاكثر وضوحا في المجتمعات اليوم ومضامين هذه المسميات الآنفة كان لها حضور كبير في المجتمع الاسلامي، بدءا من العصور الاسلامية الوسطى، وكان ذلك يتماشى مع قيم الاسلام التي تحث على التكافل والتعاون ومساعدة الآخرين. بيد أن هذه الاعمال كانت تتم عبر مؤسسات دينية منغلقة في الأعم الاغلب، على الرغم من أن مؤسسة الخلافة في العصور الوسطى، وفي الكثير من الاوقات، تبنت مثل تلك المشاريع لا سيما في متعلقة (الوقف)، الذي هو عمل خيري تطوعي بامتياز سوى انه ساكن ينتفع بفروعه واصوله وفق توصيات الواقف.
والسلة الغذائية واحدة من أكبر الأعمال التطوعية التي تتجول في شهر رمضان في معظم الامكنة، وهي ليست وليدة عصرنا الحاضر، وإنما رافقت الشهر منذ بزوغه في السنة الثانية من الهجرة بين ازقة المدينة المنورة.. تلك المدينة التي أطلت على هذه المعمورة بهذا الفيض الالهي، الذي خرج من تلك الحرات (جمع حرة) اقوام لبسوا القلوب على الدروع من اجل الدفاع عن الحقيقة الفطرية العظمى التي جبل الناس عليها، ومن اجل هذه القيم اصبح شهر الصيام باسقا في الديار والقفار يلهم ويستلهم من فضله المؤمنون الاخيار، وينتفع منه حتى اولئك غير المؤمنين بحقيقته الروحية، ولعل موائد الافطار في بعض الدول غير المسلمة توحي بذلك وتظهر هذه الخصيصة.
ورمضان، هذا الشهر الكريم، مشروع عمل تطوعي ضخم، بدءا من موائد الطعام المسجاة في العديد من الاماكن المختلفة، ومرورا على السلة الغذائية التي تتحرك بفضاءات رمضان معبرة عن التلاحم والتواصل وعروجا على هدايا العيد، التي توزع لذوي الحاجة الماسة. كل ذلك من امهات العمل التطوعي، ولا فرق بين العمل التطوعي المدني والديني، فالديني يبغي من ورائه رضا الذات العليا، والمدني يحتاجه من منطلق (ايديولوجي صرف) في الغالب. وشهر رمضان شهر الالهام والاستلهام من ابواب الغيب المبهمة والتزود بالرياضات الروحية والتمتع بلياليه القدسية ونهاراته الزهدية. فهو غيض من فيض متنوع الفوائد والخيرات، انفاسنا فيه تسبيح وليله يردف نهاره بالثواب والأجر. فكل عمل ابن ادم له إلا الصيام فهو لله. والصيام جنة من نار، وصحة من مرض. فصوموا تصحوا كما جاء في الحديث النبوي الشريف. ولعل انشطة العمل التطوعي الرمضاني من انجع الطرق في ذلك، فهو شهر التوبة والمغفرة وقبول الاعمال التي تدخل في نطاق الانتقاع الانساني، سواء المادية او المعنوية. ويمثل العمل التطوعي الرمضاني اعظم وسيلة في اشاعة الفضيلة والنبل في المجتمع عبر شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.