اللواء. د. عدي سمير الحساني
لعلنا إذا نظرنا الى المجتمعات الوظيفيَّة نجدها عبارة عن بيوت تضم أسراً تتكون من مجموعة أفراد تربطهم روابط وأواصر معينة فتجدهم متحابين ومتآخين في ما بينهم، ولكنْ وللأسف فقد اجتاحت هذه المجتمعات بعض التصرفات التي خرجت عن نطاق الأفراد وأصبحت تتكرر بشكلٍ شبه مستمر ومنها التزاحم على مناصب الغير وبشتى الطرق والتحايل والتأثير للاستحواذ
عليها.
وكما نعلم أنَّ العمل الوظيفي مبني على نظام قانوني خاضع للضوابط والتعليمات ويتسم بالأخلاق والمبادئ التي تدخل في أساس اختيار الموظف لإشغال منصب
معين.
واليوم بعد أنْ اجتاحت الأمراض والأوبئة لا سيما وباء العصر “كورونا” والذي أصاب العديد من الموظفين فقضى على بعضهم ونجا البعض الآخر، وللأسف نجد تحرك البعض على مناصب هؤلاء من أجل الحصول عليها ناسياً أو متناسياً أنَّ المقابل زميل وأخ في ذلك البيت الوظيفي.
إنَّ عملية الصعود على جراح ومصائب الآخرين وإنْ كانت سهلة التصرف ولا تحتاج إلا قليلاً من التلون والتملق مع مسح للأكتاف يصاحبها نفاق وظلم، ما هي إلا تصرفات شيطانية وعدوانية تسيء الى سمعة ومسار العمل الإداري وتسبب إرباكاً بعمل المؤسسات وخللاً في الأداء الخدمي لها.
إنَّ الأساس الإداري لاختيار المناصب لا بُدَّ أنْ يمرَّ بعدة قنوات رسم طريقها القانون الوظيفي وجعل لها مساراً من المفترض أنْ تسير عليه الإدارة في عملها وتستمر وتحرص على اقتناء موظفيها وفقاً لما رسمه المسار القانوني بعيداً عن الضغوطات والتحركات الجانبية وعدم فسح المجال للمزايدات والرغبات الشخصيَّة بالسيطرة على عالم المناصب
الوظيفيَّة.
لذلك فإنَّ أي تكليف لأي منصب من دون اتباع الآليَّة القانونيَّة قد تجعل هناك عشوائيات وظيفيَّة تقحم الإدارة بعالم اللامعرفة والذي يؤدي في نهاية المطاف الى فوضى إداريَّة يدفع ثمنها في الأخير المواطن والتي تنعكس في ظلالها على جميع نواحي الحياة المختلفة والتي تؤدي بطريقة أو أخرى الى عدم استقرار أمني ومجتمعي واقتصادي، والذي حتماً سيسهم في زيادة معدلات الجريمة بمختلف أشكالها
وأنواعها.
نحتاج الى وقفة تأمل بسيطة ومراجعة مستفيضة للذات الوظيفية لنرتقي بالوظيفة العامة خدمة للوطن والمواطن وبما يحقق رضا مجتمعياً
متكاملاً.