طقوس إيمانية في ذكرى استشهاد الامام علي عليه السلام

منصة 2021/05/05
...

  عواطف مدلول
في الأيام العشرة الاخيرة من شهر رمضان يبدأ المسلمون بممارسة طقوس الحزن وتنظيم مراسيم العزاء احياء لذكرى استشهاد الامام علي (ع)، حيث كان وما زال الناس متمسكين بتقاليد وعادات اجتماعية خاصة بتلك المناسبة والتي تعبر عن مدى اقتدائهم بمبادئه العظيمة (ع) التي ترسخت بنفوس عشاقه ومحبيه للسير على نهجه وطريقه بارساء مفاهيم الاسلام.
 
ولعل الناس البسطاء اول من يسعى للتحلي بصفات الامام الانسانية من خلال نشر معالم الرحمة والتكاتف والتآزر بينهم. تصف "عذراء محسن" تلك المناسبة بانها فرصة للتقرب الى الله اكثر من خلال اعادة صلة الرحم بين افراد الأسرة والاقارب والاخرين، ومد حبال المودة مع الجيران وكذلك التوقف عن الأذى ومشاعر الكراهية والحقد تجاه الناس، من خلال تقديم اروع صور التراحم والتلاحم بمختلف السلوكيات التي تعيدنا الى انفسنا بطباعها الحقيقية المليئة بالمحبة والعطاء التي فطرنا عليها، لكن اغلبنا تخلى عنها بمرور الزمن وبفعل الشيطان. 
فيمكن برمجة افكارنا من جديد لنخلق ظروفا اخرى افضل فيها التسامح والتقبل والرضا. فالاتفاق على حب الامام علي والتأثر به هو شكل من اشكال العبادة ايضا لانها تحيي النفوس الميتة وتشفي العقول المريضة.
بينما تؤكد الحاجة رضية حسون (ام ميثم) ان الطقس الذي تحرص على ادائه كل عام بتلك المناسبة هو إعداد طبق الرز والماش، فنشاهد الجيران يتسابقون بتبادل اطباق الطعام في هذه الايام لأجل طلب المراد ونيل الثواب، وقد يرافقها انواع اخرى من الطعام، كالتمر واللبن، وعدم الاكتفاء بتقديم الثواب للمقربين فقط، وانما السعي كي يشمل توزيع الطعام اكبر عدد من الناس، لاسيما الفقراء، والتعاطف معهم بمحاولة لكسر الحواجز بين الناس وتحقيق المساواة بينهم، كنوع من التكافل الاجتماعي، رغم بساطته، لكنه يعكس احساسا روحيا عميقا بالاخر، وهذا درس اتقن تعليمنا اياه الامام علي (ع) من خلال حياته الحافلة بالمواقف 
الانسانية. 
في حين يجد محمد عبد الله (ابو ليث) ان من الضروري جدا الاستعداد لتلك المناسبة نفسيا ومعنويا بالالتزام بالعبادة ومتابعة احوال الناس وتلبية احتياجاتهم، وهذا جزء ضئيل امام ما كان يقوم به الامام (ع) من سلوكيات انسانية عظيمة. 
ويشير الى ان المجتمع أخذ، في السنوات الاخيرة، يتجه نحو الأسوأ بفعل الظروف المحيطة والتي تكاد ان تكون دمرت ميزة الغيرة تماما، اذ جعلت منه كائنا اخر. 
تاتي تلك المناسبة لتعيد جزءا كبيرا من ملامح انسانيتها التي فقدت بحكم الازمات المتتالية التي اخذت منا اكثر مما اعطتنا، فشغلتنا بتفاهات الامور وصغائرها، وابعدتنا عن كثير من الصفات الانسانية، فحل التكبر والتوتر والخلاف محل التواضع والصبر والمسامحة والسلام.  
ويضيف: مع انتهاء العشرة الثانية تنطلق الحملات لزيارة المراقد المقدسة، خصوصا مرقد الامام علي (ع). 
فرغم أن جائحة كورونا تسببت بتقليل حجم الزيارات لتلك الاماكن، لكننا لن نتوقف عن ادائها مع الاهتمام بتطبيق التباعد 
الاجتماعي.
 
أبو الأيتام
تواصل سيدة الاعمال "الدكتورة سدى الخفاجي" توزيع السلات الرمضانية خلال هذه الايام، إذ دعت الجميع للمشاركة بها، وهي تعدها واجبا على كل مسلم وكل من يحب الله ورسوله (ص) وأهل البيت وتوضح قائلة: ممكن ان نخصص جزءا ولو بسيطا من مدخولاتنا ورواتبنا للمساعدة والتخفيف عن كاهل الفقراء، ولو تحقق ذلك باستمرار فسنقضي حتما على حالات الفقر والعوز. 
لذا يجب ان نعلم اولادنا وننصح ازواجنا واقاربنا ومعارفنا بتلك الخطوة التي كان يعمل بها الامام علي (ع)، فقد سمي ابو الايتام، ونذكر بأن حب الامام (ع) ليس كلاما فقط ينبغي ان نسير على منهجه، لكننا نستطيع ان ناخذ منها ونعمل بها وبالتالي نساهم في التقليل من الكثير من الظواهر السلبية التي انتشرت في المجتمع
مؤخرا.
يفسر الباحث النفسي والاجتماعي "الدكتور عبد الكريم خليفة" الارتباط الوثيق والتعلق الروحي بشخصية الامام علي (ع) بوصفه المثل الاعلى في القيم الاخلاقية قائلا: هناك نظرية تسمى نظرية (باندورا) او نظرية المحاكاة الاجتماعية، ومحورها يقول هنالك نماذج وامثلة لها تاثير كبير في المتلقي وكثير من الافراد يحاكون هذه النماذج، ويتأثرون بسلوكهم الاجتماعي، ومن المؤكد ان الامام (ع) من النماذج المثيرة على مدى التاريخ،  ولهذا ترى كثيرا من الناس يحاكون سلوكياته ويحاولون تقليدها، خصوصا انه يحمل الشعاع الايماني الذي يكاد ينفرد به، اضافة الى الجانب التطبيقي في سلوكياته من العفو والتسامح والقيم، وبالتالي اصبح قدوة للاخرين. والجانب الاخر ان هناك مرحلة من مراحل النمو عند الانسان، خصوصا مرحلة المراهقة تطلق عليها تسمية "عبادة البطل" وليس بمعنى العبادة الالهية انما تجسيد هذا الشخص بسلوكياتنا. 
على سبيل المثال كثير من المراهقين يحاكون فنانا او شخصا سياسيا وغيرهم في مختلف المجالات، إذ انها مرحلة عمرية محددة، ثم سرعان ما تنتهي، لكنها في دول العالم الثالث تستمر، وهي جزء من التكوين العكسي اذ تتذكر هذه الطبقات الاجتماعية الرموز الخالدة. 
وخير من يمثل الرمز الاجتماعي ببطولاته الانسانية والاخلاقية المعروفة هو الامام علي عليه السلام.