سها الشيخلي
عندما تحل علينا أيام رمضان؛ شهر الطاعة والغفران؛ نتوجه فيها لطلب الرحمة والسكينة لنفوسنا المضطربة. وتنتظر ربة البيت حلوله لتهرع الى أسواق الشورجة. وبالرغم من الضائقة المالية التي تعاني منها اغلب الشرائح الكادحة، فإن مفردات المائدة الرمضانية لا يمكن التخلي عنها، مع العلم إن هذه المفردات متوفرة في أغلب الاسواق.
غير أن الذهاب الى الشورجة طقس رمضاني لربة البيت، فهي تكدس تلك المفردات، ولاتنسى التوابل بكل انواعها، فهي تريدها غير مطحونة، لتبقى محافظة على رائحتها ومنها الهيل والقرنفل والدارسين. وعندما كنا في منطقة الشورجة، وجدنا تلك السيدةتتجول في أروقتها لتشتري المواد التموينية، معللة ان مفردات الحصة قد طواها النسيانلدى أغلب البيوت، فهي قليلة التوزيع وقليلة المواد وغير جيدة، بالرغم من أن تخصيصات موازنة 2021 للبطاقة التموينية قد بلغت (800) مليار دينار. وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك زادت مفردات البطاقة لتكون اربع مواد بدلا من مادتين، او ثلاثة في احسن الحالات، ولكن اين هي؟.
وتتفنن ربة البيت في إعداد مائدة الافطار باصناف عدة اغلبها ثقيلة على الهضم وتتعب معدة الصائم، الذي يكون بحاجة الى أطعمة خفيفة خالية من الشحوم، فكيف به ان يتناول البقوليات، خاصة لكبار السن. وغالبا ما ينقل هؤلاء الى المستشفى في الايام الاولى لصيامهم بسبب عسر الهضم،لكونهم افرطوا في تناول الطعام الدسم. لكن ربة البيت تريد ان تثبت بأنها طباخة ممتازة، وحتى لو كانت صائمة، فهي حريصة على ارضاء اذواق الصائمين في بيتها، ليس فقط بتنوع الاصناف، وإنما في كثرتها، وغالبا ما تذهب تلك الانواع في النهاية الى سهلة المهملات.
ومن عادة اهلنا في رمضان أن يتبادلوا صحون الطعام بين الاهل والجيران، ولا تنسى سيدة البيت ان تثني على طريقة طبخ جارتها، أو العكس تماما!
ويجلس الجميع الى مائدة الافطار في انتظار إطلاق المدفع وعند سماع دوي اطلاقته يهلل الصغار، لأنهم سوف يبدؤون في تناول ما أعدته الأم من صحون شهية.
ولا تنسى هذه السيدة الكريمة بعض البيوت التي تعاني بسبب الضائقة المالية، فتذهب اليها لتقدم المساعدة، فشهر رمضان يحمل الخير والبركة للناس، وبعض الميسورين منهم يقدمون المساعدات المالية والعينية للايتام والارامل، إنه التكافل الاجتماعي الذي أوصى به ديننا.
ومن طقوس رمضان قضاء أوقات السمر وتبادل الزيارات، ومن ألعابه المشهورة “المحيبس” تلك اللعبة الجماعية.الا ان تدابير الوقاية من (كورونا) قد ألغت هذه اللعبة (التراثية) كما حرم التباعد الاجتماعي على الصائمين جلسات السمر بين الجيران والاصدقاء. واخيرا يأتي دور (ابو الدمام) ذلك الرجل المواظب على ايقاظ الصائمين لأجل تناول السحور، فيجتمع حوله الصبية ويقدمون له بعضا من حلويات رمضان وينتهي اليوم بسرعة في استقبال يوم آخر لرمضان الخير والبركة، وسط دعوات الخيرين بأن يعود على الأمة بالخير والأمن والبركة.