تحوير المهمَّة

منصة 2021/05/08
...

قيس قاسم العجرش
في أحد أيام عام 2004، دخل الجنرال جون أبي زيد، وهو يومها قائد القيادة الوسطى الأميركيَّة على مجموعة من الكوادر الأجنبيَّة شبه العسكريَّة العاملة في العراق. كانت تلك الكوادر قد أنيط بها العمل على إيجاد أسلحة الدمار الشامل العراقيَّة، أو معرفة الحقيقة بشأنها وكشف المخفي من برامجها.
يقول أحد الذين حضروا تلك المناسبة (التقيته بعد العام 2012 في مؤتمر أوروبي عن الإرهاب)، إنَّ الجنرال جون أبي زيد تحدث وقتها في أهمية العمل الذي نؤديه، وأهمية ملاحقة الإرهاب و(المتمرّدين)، وإنَّ المعلومات تشير الى أنَّ دول الجوار تدعمهم وحتى الدول الصديقة (يقصد صديقة للولايات المتحدة). وإنَّ القوات الأميركيَّة ستنتهج أساليب تجفيف منابع الإرهاب، وعلى ما يبدو لم يكن مصطلح التجفيف قد شاع حينها.
وينتبه مُحدّثي إلى أنَّ الجنرال لم يتحدث ولا كلمة واحدة عن أسلحة الدمار الشامل. لأنه يعتقد أنَّ مهمة القوات الأميركيَّة في ذلك الوقت قد شهدت (تحويراً).
بعد ذلك بوقتٍ قصير صدر تقرير (فولكر) الذي أنجزته الأمم المتحدة وفيه إدانة لعددٍ من موظفي المنظمة بأنهم كانوا يتلقّون الرشى من النظام العراقي مقابل أنْ يُمرروا صفقات النفط مقابل الغذاء بأثمانٍ أعلى بكثيرٍ من ثمنها الحقيقي. وكان النظام المقبور يتفق مع تلك الشركات على استعادة جزءٍ من الثمن المُبالغ به كي يشتري به مكونات تسلّحيَّة محظورة.
صرف النظام النظر بعد ذلك عن تمويل برامجه التسلّحية بهذه الأموال وحوّلها الى عُمولات يتلقاها رموزه. كما صرفت قوات التحالف النظر عن أسلحة الدمار الشامل وتفرّغت لمواجهة الإرهاب، ثم أعادت تعريفه مثلما اتفق لها. أمّا الإرهابيون فقد صرفوا النظر هم كذلك عن مواجهة قوات الاحتلال في وقتها، وتفرّغوا لقتل الشعب العراقي فرداً فرداً. 
الجميع شهد تحويراً في المهمة!