اليوم الأول من العيد منازل القمر ومراحل ظهوره لأهل الارض

منصة 2021/05/11
...

  كاظم الحناوي
        
ولقد ورد في القرآن الكريم (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم، لا الشمس ينبغي ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون ) (سورة ص). فالقمر يظهر كل يوم بشكل مخالف لشكله الذي كان عليه في اليوم السابق، وتتدرج اشكاله من الهلال الذي يظهر اشبه بالخيط خلال اول الشهر، حتى يكتمل بدرا تاما في وسطه ثم ينتهي الى المحاق.
تقع الدول الاسلامية بين خطي طول 120 شرقا حيث اندونيسيا وصولا الى خط طول 15 غربا في المغرب، وإن فارق التوقيت بين اطراف العالم الاسلامي يبلغ بحدود تسع ساعات، ولذلك فإن ولادة الهلال تختلف عند هذه الدول تسع مرات، واذا ما حسبنا ان الدول التي يولد فيها في الساعة نفسها او بعد ساعة فستتفق في الرؤية، ويمكن ملاحظته، أي الهلال، بالعين المجردة، لأن ترتيب ظهور القمر يأتي متتابعا، لأن اشعة الشمس تنعكس على سطحه. ونظرا لوضعه بالنسبة للارض فلا يظهر غير جزء مضيء فقط قبل الغروب، ويستمر لأقل من ساعة، لذا لا يمكن للدول ان تراه في اللحظة نفسها. ولكي نتصور ذلك يلزمنا افتراض ان اشعة الشمس تسقط على سطح القمر في خطوط متوازية، نظرا لبعده الكبير عنها، ولذلك ياتي ترتيب منازل القمر على النحو التالي: (القمر، المحاق، الذي لا يظهر من قرصه الى جزء مضيء، وهذا يختلف بين خطوط الطول في الكرة الارضية، حيث ظهور الهلال يختلف حسب سقوط اشعة الشمس عليه لأنه بظهوره يبتدئ الشهر.
إن الاساس الشرعي الذي يستند اليه العلماء هو الرؤية التي وردت في الحديث النبوي الشريف: (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فان غم عليكم هلال رمضان فاكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما). ويعتمد علماء الدين على شهود رؤية في ليلة التاسع والعشرين من الشهر، لذا يرفض اغلب علماء الدين الاسترشاد بالعلماء الفلكيين الذين يرصدون الهلال بعدسات المراصد الفلكية والاعتماد على توقعاتهم وجداولهم، لان الشرع حدد الرؤية بالعين لا بالمرصد او بالعدسة. ومن هنا تنتفي أهمية الجدل الذي يثور بين رجال الدين ورجال العلم عن رؤية الهلال و حلول العيد، لأن الدول تبدأ العيد حسب اعتقاداتها وتفهمها للحديث النبوي، فالبعض يرى انه لم يحدد الرؤية بالعين فقط، حسب تفسيرهم، واخرون لا يرونه بسبب خطوط الطول التي يقعون عليها، والذي يستحيل ان يطلع الهلال في الساعة نفسها مع دول اخرى.
 لذا فمن الخطأ الاعتقاد ان الاختلاف في تحديد اليوم الاول للعيد يمثل شقا لوحدة الصف الاسلامي، لأننا نعتمد على التقويم الهجري، وهو مرتبط بحركة القمر الذي يعد اقرب اجرام السموات إلينا، حيث يبلغ طول الشهر الهجري 29 يوما ونصف 
يوم. 
وبتعبير ادق يتدرج القمر خلال منازله المختلفة من الهلال الى البدر الى المحاق، حتى يعود ثانية خلال شهر قمري مدته 29 يوما ونصف يوم. واذا تتبعنا ظهور القمر بين ليلة واخرى فانه يظهر متاخرا عن الليلة السابقة بمدة خمسين دقيقة، كما انه لا يظهر كل ليلة بالقدر والوجه نفسه، وإنما يتدرج من الهلال الى البدر على النحو المعروف، لذا لا يمكن للدول ان تراه في اليوم الاول، وفي الساعة نفسها اذا ما علمنا ان هناك تسع ساعات تفرق بين توقيتات الدول الاسلامية، ولذلك فأي بلد فيها تشترك مع البلاد الاخرى في جزء من سواد الليل حيث يكون الليل في بدايته في المغرب فانه يكون قد أذن الفجر في اندونيسيا بحلول نهاية الليل. ولذلك اعتمدت بعض الدول على المرصد  لرؤية الهلال مثل تركيا حيث يحدد التقويم الهجري لمدة سنة بينما لم تأخذ به دول اخرى.