الأعمال الدراميَّة العراقيَّة تحت مجهر النقد

منصة 2021/05/24
...

 عمار عبد الخالق 
خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان الفائت، بدأ الجمهور العراقي بالكشف عن آرائه بشأن الدراما العراقيَّة، رغم أنَّ هناك اهتماماً بمشاهدة الأعمال المصريَّة التي دخلت ضمن قائمة الأكثر نسب مشاهدة، وتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «نسل الاغراب»، «الاختيار 2»، «ملوك الجدعنة» و«موسى»، و«لعبة نيوتن».
 
قدّمت القنوات الفضائية العراقيَّة هذا العام إنتاجاً غزيراً من الأعمال الفنيَّة مقارنة بالأعوام القليلة الماضية، وجاءت الأعمال باطار تراجيدي، وأحياناً بكوميديا سوداء.
عرضت قضايا مهمة ورسائل جريئة وموضوعات تناقش لأول مرَّة بالشاشة العربيَّة أو العراقيَّة، كان الشأن السياسي يحظى بالاهتمام، لا سيما توثيق رسالة المحتجين والاحتجاجات التي يشهدها البلد منذ العام 2019 والى الآن، فضلاً عن مسلسلات أخرى وبرامج وثقت المعارك ضد عصابات داعش الإرهابيَّة، إذ كان هناك بحدود 20 عملاً بين الدراما والكوميديا من أبرزها «سلطان وأميرة»، «كمامات وطن 2، «طيبة»، «بنج عام 2»، «بروانة»، «المنطقة الحمراء»، «العدلين»، «أم بديلة».
 
تواصل الاجتماعي
توزعت مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدٍ ورافضٍ بشأن غزارة الإنتاج للأعمال الدرامية التي عرضت هذا العام التي وقفت عائقاً أمام مشاهدات الأعمال الباقية وفرز أهميتها عن الآخر، فضلاً عن ذلك شهد الموسم الرمضاني عودة نخبة من الفنانين العراقيين الى التمثيل مجدداً مثل مقداد عبد الرضا وهند كامل وغالب جواد وعبد الستار البصري وآخرين.
يرى الممثل والمخرج العراقي جمال أمين أنه «بالرغم من الإنتاج الكثير للدراما العراقيَّة من قبل المحطات الفضائيَّة هذا العام، إلا أنها كانت دراما مخجلة وضعيفة وهدامة، إذ هناك ضعف في الإنتاج، فضلاً عن أنَّ أغلب المحطات الفضائيَّة المنتجة للدراما هي محطات بالأساس تابعة الى جهات معينة.
الدراما العراقية لم تعط مشاعر الناس ومشكلاتهم الحقيقيَّة اهتماماً واضحاً، بل أغلبها اهتم بالعنف، وبالعلاقات السطحيَّة، وهذا ما جعل المشاهد مأزوماً أمام المشهد الدرامي.
ترى الفنانة العراقية شذى سالم أننا «نستطيع القول إنَّ هناك عدداً لا بأس به من إنتاج بعض القنوات لأعمالٍ دراميَّة عراقيَّة تراوحت ما بين العمل الاجتماعي والكوميدي والبعض، منها كانت للترويح عن المشاهد كفواصل انتقاديَّة بروحٍ ساخرة، وبعض الأعمال ناقشت موضوع الساعة، لا سيما حركة الشباب العراقي والتظاهرات وما تركته من أثر مهم في نفوس العراقيين، فضلاً عن ظهور طاقات شبابيَّة جيدة على صعيد التمثيل والإخراج، وهذا مؤشر جيد لمستقبل الدراما العراقية. المهم من كل هذا هو ما ستتركه هذه الأعمال من صدى مهم في ذائقة المتلقي، وأنْ نفكر مستقبلاً، كيف بالإمكان أنْ نعمل أكثر بنوعية دراميَّة حقيقيَّة، وصولاً بالدراما العراقيَّة الى المستوى الأفضل والأحسن».
 
ميزات عديدة
ومن اتجاه نقدي يرى الناقد مهدي عباس أنَّ دراما رمضان 2021 «تحلت بميزات عديدة عن السنوات الماضية منها زخم الإنتاج الذي وصل الى عددٍ غير مسبوق، ومنها جودة بعض الأعمال التي نافست بقوة حتى الأعمال العربيَّة، ومنها ظهور وجوه جديده من الشباب الواعد ستثري الدراما العراقيَّة مستقبلاً، وكذلك ظهور أسماء شابة في مجال الإخراج الذي كان حصراً على أسماء معدودة، عام ٢٠٢١ عام مميز شاهدنا فيه دراما مميزة تحاكي الواقع العراقي الحالي».
تحدث الباحث والناقد كاظم السلوم قائلاً «ربما يكون الكم الكبير من الأعمال الدرامية العراقية لهذا الموسم، هو الميزة الأهم لها، لذلك تجد متابعة واسعة من الجمهور لها، بعد أنْ تعوّد، على متابعة الأعمال العربيَّة المختلفة».
وأضاف أنَّ «الشاشة الدرامية هذه العام كسبت الرهان واستطاعت جذب المشاهد لها، مع كم التعليقات الواسعة حولها، خصوصاً تلك التي استعارات حكايات وأفكاراً من أعمال عربيَّة وأجنبيَّة، مثل مسلسل (طيبة)، كذلك مسلسل (أم بديلة)، فضلاً عن تألق عدد كبير من الشباب في تأدية أدوارهم، واختصار بعض الأعمال في سبع أو ثماني حلقات لم يكن في صالح أعمال كان المفروض أنْ تستمر بحلقات أخرى».
 
سياسة الجهة المنتجة
وأشار السلوم الى أنَّ الاستعانة بـ»المخرج العربي لم تصب في صالح بعض الأعمال لأسبابٍ عديدة، منها عدم معرفته بالبيئة والعادات العراقيَّة، علما أنَّ لدينا مخرجين كفوئين ومهمين. بعض الأعمال خضعت لسياسة وأجندات الجهات المنتجة من فضائيات أو غيرها. عموما موسم غزير الإنتاج للدراما العراقيَّة، أتمنى أنْ يستمر على الوتيرة ذاتها».
أما رأي المسرحي العراقي عباس الحربي فكان مختلفاً نسبياً حين قال: ينتظر المشاهد متى تنتصر له الدراما، فهي المعبرة عن همومه وطموحاته، والكل يعرف ماذا فعلت الدراما في دول امريكا اللاتينية المليئة بالفساد السياسي بل حتى انزلاق المجتمع لسلوك لم يألفه إلا بتلك السنين لكثرة مافيات المخدرات وتهريب الأموال، وفي المقابل هناك الإنسان الشريف المنحسر في زاوية الخوف من القتل وكم من إعلامي راح ضحية القول الصريح.
أظن حان الوقت لتأخذ الدراما عندنا منحى الشجاعة، فالخراب الى أقصاه، بينما تمرُّ مواقف أقل مما نحن فيه بدولٍ شقيقة عبر عنها الفنان بالكلمة، مثل (الولادة من الخاصرة) وغيرها، صرنا لا نعرف ماذا تقول الثقافة والفن أصبح كل شيء مدفوع الثمن وكان الله بعون الفنان المتطلع الى كلمة تحمل معنى للصراخ».