الفريداوي ومرارة الرحيل

ثقافة شعبية 2021/05/30
...

ضياء الاسدي
 
لم يتمالك الشعراء انفسهم، حينما يودعون رموزهم المضيئة الى عتبات الرحيل، تلك القامات التي زيّنت صدور القصائد بأعذب الكلام وأشجنه، وبقيت ارواحهم الناعمة تحوم حول بوادي الحروف الرصينة التي لم يقهرها الغياب.
فمنذ رحيل كبار القصيدة الشعبية في السنوات القليلة الماضية امثال كاظم اسماعيل الكاطع وعريان السيد خلف وصباح الهلالي وعادل محسن وحمود حسين كعيد وغيرهم الكثير، ونحن نشهد نزيف مرّ في جسد القصيدة الشعبية الرصينة، وحسرة كبيرة على رحيل صائغي ملامح النصوص الشعرية الفاتنة.
وفي اخر قافلة الخسارات غير المتوقعة، جاءت الأنباء الحزينة عن رحيل الشاعر الشاب علي الفريداوي بصورة مفاجئة ولا يصدقها حتى المقربين منه، رحل إثر جلطة دماغية اودت بحياته المعطاء والحافلة بالجمال، فما زالت القصائد في طيات روحه لم تجف بعد، ونهر ابداعه الذي اوقفه الموت عن الجريان، مازال يضجّ بأعذب القصائد التي لم يكتبها الراحل بعد.
فروح شاعرنا علي الفريداوي التي سكنت مرابع القصيدة منذ نعومة أظفاره، ستبقى تكلل روضة الشعر بأحلى معاني البقاء، وتلك الأغنيات التي صاغتها روحه الشاعرة، لن تتوارى خلف رمال الرحيل، فالشعراء لايموتون، وحينما يلقون عصا عباراتهم على الناس، تصبح الأرض هشّة وصالحة للحياة.
أسهم الفريداوي كثيرا في نسج نصوص شعرية لا تمضي ابدا، وستبقى في أذهان ولواعج محبيه حتى آخر حسرة.
فارقنا علي، ليلتحق بقافلة الراحلين الذين تتنفس عباراتهم صبح القصائد المتفردة، فالعزاء لرهط كبير من الشعراء والفنانين الذين بكوا الفريداوي بعمق المحبة وشراهة الفقد الذي ظل يطارد اهل الجمال، في زمن نحن احوج مانكون فيه الى عطائهم وبقائهم قرب ارواحنا التي ادمنت الفقد والخسارات.