بسبب الاحتطاب العشوائي .. شجيرات الغضا الصحراويَّة تواجه الانقراض

ريبورتاج 2021/06/02
...

 نافع الناجي
 تصوير: أحمد الفرطوسي
يواجه نبات الغضا الصحراوي خطراً حقيقياً محدقاً قد يفضي الى انقراضٍ وشيك في غضون ثلاث سنوات لا أكثر، في حال استمرت حملات الاحتطاب العشوائي لأغراضٍ تجارية في منطقة انتشاره في بادية المثنى والتي تصل لمساحة ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، تقع أغلبها في ناحية بصية.
وحذر مختصون وناشطون بيئيون في ناحية بصية الصحراوية (أقصى جنوب محافظة المثنى) من احتمال تعرض أشجار (الغضا) التي تنتشر في مناطق بادية العراق الرملية الجنوبية للتدهور والانقراض خلال فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات، نتيجة الاحتطاب الجائر والتدمير لغايات تجارية الذي تتعرض له أماكن التواجد الطبيعي للغضا.
انقراض وشيك
وأوضح أحمد حمدان الجشعمي، رئيس المجلس البلدي لناحية بصية، أن {منطقة بصية (250 كم جنوبي السماوة) أصبحت تعج بفرق ومجموعات من المدن القريبة، کالبصرة، والناصرية والسماوة، تقوم بقطع أشجار الغضا للإتجار بها}، لافتاً الى أن  {تلك العمليات ستؤدي الى انقراض هذه النباتات من بادية العراق الجنوبية خلال فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات}.
وأضاف، ان {الاحتطاب المكثف الذي تتعرض له اشجار الغضا، لاسيما خلال فصل الربيع المنصرم، أدى إلى تناقص متسارع في اعداد هذه النبتة}، واستطرد  {ان الأمر أشبه بالتدمير للبيئة وهو ناجم عن الانشطة البشرية التجارية في أماكن التواجد الطبيعي للغضا، ومن خلال الاتجار به بنقله الى المدن العراقية الجنوبية لبيعه}. 
نشاط عشوائي
من جهته قال واصف الريس أحد سكنة المنطقة وهو ناشط مدني وبيئي، ان {مجموعات وفرقاً منظمة تتولى حالياً عملية القطع لتلك الأشجار، ثم تنقل الى المدن العراقية الجنوبية والوسطى لتباع حمولة السيارة الواحدة بمبلغ يتراوح بين 100-80 الف دينار في المدن القريبة من ناحية بصية وبواديها المتاخمة، مثل الناصرية والزبير، بينما يرتفع المبلغ الى حوالي 200 ألف دينار في السماوة و250 الفاً في الديوانية}، مشيراً الى أن {هذا النشاط العشوائي الجائر قضى على مساحات شاسعة من اشجار الغضا بشكل غير مسبوق}.
 
ما هو الغضا؟
هو عبارة عن شجيرات صغيرة لا يتجاوز طولها 3 او 4 أمتار، تتمتع بقاعدة خشبية ونهايات ضعيفة متدلية، وغالباً ما تبدو أفرعها مجردة من الأوراق وما تحمله من فروع خضراء، وهي قليلة، تظهر على هيئة كأس صغير لولبي مفتوح، والجزء العريض منها يكون باتجاه الاعلى، وتكون نباتات الغضا عند موسم الامطار في حالة سكون، وتبدأ مراحل النمو الجديدة لها في شهري كانون الثاني وشباط، ومن الافرع التي تظهر عليها أزهار صفراء تتفتح في شهري نيسان وايار، وتكون أزهاراً مذكرة لا تحتوي على بذور، وفي شهري تشرين الأول والثاني تظهر ازهار بيضاء اللون من الافرع القديمة لتنتج بذور شجيرة الغضا التي تتغذى عليها بعض الحيوانات البرية ومن أبرزها الجمال، وتستغل بشرياً للتدفئة والطبخ من قبل البدو في الصحراء.
تغيير المعالم البدويَّة
ونبه أحمد حمدان الى أن {الاستخدام الخاطئ لأماكن التواجد الطبيعي والاحتطاب المفرط الخاطئ لأشجار الغضا على وجه الخصوص لأغراض تجارية، سيؤديان الى تغيير المعالم الطبيعية للبادية بتغيير قوامها وتماسكها وغطائها النباتي}، داعياً الى {تضافر الجهود للحد من تلك الانشطة البشرية السلبية، والسعي للحفاظ على المكونات الاساسية للبيئة الصحراوية}.
ولفت الى أن {تلك العملية تؤدي الى تدمير مستمر للشجيرات الجديدة من نبات الغضا عند نموها في المواسم التالية بسبب النشاط البشري في اماكن انتشارها، ما يحد من  تجديد دورات النمو لهذا النبات}، مشيرا الى أن {ادارة ناحية بصية والقوات الأمنية فيها لم تستطيعا السيطرة على تلك العمليات والحد منها}.
واستدرك {لأن تلك العمليات تجرى في اماكن متفرقة ومفتوحة على الصحراء وبسبب محدودية عدد ملاكات الشرطة في الناحية، لا نستطيع السيطرة وايقاف تلك العمليات بشكل نهائي، كما ان بعض تلك المجموعات تكون مسلحة}.
وزاد {أبلغنا سلطات محافظة المثنى بالوضع وقد صدرت أوامر للجهات الامنية باتخاذ اللازم للحد من تلك الانتهاكات بحق البيئة}، مضيفاً {نرى اننا في المثنى لن نتمكن من ايقاف هذه التعديات لوحدنا من دون تعاون محافظتي البصرة وذي قار معنا، لأن تنقل تلك المجموعات بحمولات الغضا يتم  في حدود تلك المحافظتين}.
 
حلول
وعرض الاكاديمي بجامعة المثنى، عدنان سمير بعض الحلول التي قد تسهم في الحد من عملية تدمير نبات الغضا، ومن ابرزها: تحديد مناطق انتشار الغضا كمحميات طبيعية، ومنع الاتجار به، والتوعية الاعلامية بأهمية هذا النبات البيئية من خلال الارشاد التثقيفي في المجتمع العراقي، وشرح اساليب الاحتطاب المناسب من خلال التركيز على ضرورة اقتصاره على الاشجار الجافة فقط وعدم اقتلاع الشجيرات الجديدة، وعدم قطع الجذور بل ومنع الاحتطاب في المناطق المهدد فيها الغضا بالانقراض}.
من جهته أشار رئيس المجلس البلدي لناحية بصية، أحمد حمدان الى {أهمية نبات الغضا كمصد للرياح المنخفضة، ولتثبيت الكثبان الرملية ما يساعد في تثبيت التربة ومنعها من الانجراف، اضافة الى الحد من زحف الرمال}. 
وأضاف {ثمة فوائد إيجابية يمكن جنيها من النبات المذكور، اذ يمكن استزراعه في المناطق الرملية حول المدن وعلى جوانب الطرق للحماية من زحف الرمال ومن مظاهر التصحر، فضلا عن تلطيف الجو وتثبيت التربة}.
وختم حمدان بقوله، ان {هذه النباتات تتواجد في مناطق رملية محددة من بادية العراق الجنوبية ضمن حدود ناحية بصية التي تشكل 6 % من مساحة العراق}، مشيراً الى انها {المساحات الاوسع في شبه الجزيرة العربية التي يوجد فيها الغضا بعد أن اوشك على الانقراض في المناطق الصحراوية بالدول العربية الاخرى كالسعودية وغيرها}، وأضاف {تقدر المساحة التي ينتشر فيها الغضا في بادية المثنى بثلاثة آلاف كيلومتر مربع، تمتد من شمال الى شرقي ناحية بصية}.