بيتي ديفز.. وحدي من يعرفها

بانوراما 2021/06/06
...

 لويزا باريل 
 ترجمة: مي اسماعيل 
نشرت الوصيفة الخاصة لأيقونة هوليوود الراحلة بيتي ديفز ذكريات لم يسبق نشرها، وتحدثت عن دروس تعلمتها خلال عملها، اذ آمنت الممثلة الشهيرة الراحلة بيتي ديفز بأنها تتمتع بحاسة سادسة تؤهلها لتقييم الشخصيات، فبعد مصافحة واحدة باليد وحديث يستغرق خمس دقائق؛ كانت تستقر على رأي ثابت حيال معارفها الجدد.
تقول كاثرين سيرماك، آخر مساعدة شخصية عملت مع الممثلة الراحلة: {كانت والدتها تتمتع بقدرات حدس روحية؛ لذا اعتادت ديفز أن تثق بحدسها، كأنها تمتلك {رادارا} لمعرفة النفوس}، تسلمت كاثرين الوظيفة سنة 1979 وهي بسن الثالثة والعشرين بعد مقابلة واحدة سريعة؛ وطُلب اليها أن تعمل جيدا لتطوير {مسكة يدها}، وقالت لها ديفز: {يمكنك أن تعرفي الشخص الجيد من حزم مصافحته؛ ولأنك ستكونين ممثلة عني؛ أرغب أن تكون مصافحتكِ أكثر
حزما}.
كانت بيتي ديفز واحدة من أهم ممثلات عصر هوليوود الذهبي؛ إذ فازت بجائزتي أوسكار عن دوريها في فيلمي {خطر-Dangerous} سنة 1935 و{جيزابيل-Jezebel} - سنة 1938، ولم تنقطع عن العمل لعقود طويلة، قدمت خلالها نحو مئة فيلم قبل وفاتها في العام 1989 عن 81 سنة، عاشت بيتي حياة مليئة؛ فازت خلالها بالعشاق وخسرتهم، واستمتعت مع أولادها، وتخاصمت مع ممثلين آخرين عبر الصحافة وضحكت كثيرا، تقول كاثرين؛ التي باتت اليوم في الرابعة والستين وألفت كتاب (أنا والآنسة {د})، بعدما عملت مع ديفز خلال العقد الأخير من حياتها وعاصرت أسوأ انتكاساتها: {كانت ديفز تحب لعب النكات العملية مع الآخرين}. 
 
دروس الحياة
بعدما دخلت عالم بيتي ديفز الخاص؛ عرفت كاثرين سريعا أنه ليس من المقبول الجلوس الى مائدة الفطور بملابس النوم، وعين لها شخص لتعليمها اتيكيت تناول الطعام، وأشرفت ديفز بنفسها على تحسين طريقة مشيها وجلوسها بشكل لائق، وتعترف كاثرين قائلة {لان الفنانة أعطتني الثقة وجاملتني كثيرا}، حققت كاثرين رقي الطباع عبر سفرها مع ديفز؛ وبصفتها مساعدتها الشخصية كانت مطالبة بالخدمة 24 ساعة يوميا؛ لكن النجمة كانت كريمة أيضا، كما تقول كاثرين: {حينما كنا نعمل في موقع تصوير أحد الافلام، كان العمل لسبعة أيام اسبوعيا؛ ولكنها بعد انتهاء التصوير كانت تمنحنا عطلة مدفوعة الأجر حيثما نريد، ولستة أسابيع”، لم يكن التعامل مع ديفز صعبا دائما؛ فرغم أنه لم يعُرف عنها تمتعها بحس فكاهة عالٍ؛ لكن ديفز كانت تحب ايقاع العاملين معها في حيلها؛ وباتت كاثرين شريكتها في ذلك، كما تقول: {كانت حفلات الكوكتيل حينها مختلفة، وأكثر بروتوكولية}، كانت المرطبات تُقدم للضيوف (ذوي البذلات الانيقة) في كؤوس ضيقة؛ بحيث تتساقط قطرات الشراب على ذقونهم، وكان ذلك يسبب لهم الحرج؛ فتُسارع ديفز بتصنع الجدية وهي تطمئن على مزاجهم. واشتركت الوصيفة كاثرين مع النجمة ديفز في العديد من تلك الخدع؛ إذ علقتا يوما لوحة كتب عليها {متزوج حديثا} على سيارة وكيل أعمالها الأعزب، وغطتا بيته بشرائط الورق وضحكتا كثيرا 
يومها. 
لكن الخلاف الأشهر لديفز كان مع النجمة الكبيرة جوان كروفورد، التي شاركتها بطولة فيلم {ما الذي حدث للطفلة جين؟} وهو خلاف أخفته ديفز بقوة؛ كما تستذكر كاثرين، قائلة: {حاول الكثير من الناس التقوّل وإحداث الضجة حولها وحول جوان كروفورد؛ لكن ديفز اعتادت القول أن كروفورد عالية المهنية}”، مع ذلك تستذكر كاثرين أن ديفز تعهدت ألا تعمل ثانية مع الممثلتين فاي دوناواي ومريام هوبكنز؛ اللتين اتهمتهما بمحاولة التغطية على حضورها التمثيلي، أما بالنسبة لكروفورد فترى كاثرين أنها كانت على اتفاق مع ديفز لتأدية مزحة خفية؛ قائلة: {تراهنت النجمتان على نجاح فيلم {ما الذي حدث للطفلة جين؟}؛ فخلقتا الخدعة التي جاءت بثمارها؛ إذ جددت الشائعات تألقهما المهني وشعرتا بالسعادة}. 
 
الخيانة
حينما بدأت كاثرين العمل لدى ديفز، كانت النجمة قريبة جدا الى ابنتها الوحيدة بربارا ديفز هايمن، من زوجها الثالث وليام غرانتشيري، ولاحقا تبنت ديفز وزوجها التالي غاري ميريل (الذي مثل معها فيلم {كل شيء عن إيف}) طفلين، هما: ميشيل ومارغوت ميريل، وعاشت مارغوت جل حياتها في المصحات؛ بعدما جرى تشخيص إصابتها بضرر في الدماغ وهي بسن الثالثة، تؤكد كاثرين أن {الاسرة كانت أمرا كبير الأهمية لديفز}، وكانت ديفز تجمع أطفالها جميعا؛ وبضمنهم مارغوت وممرضتها؛ خلال عطلات الاسرة، لكن سعادتها كانت تتعاظم بحضور ابنتها بربارا، وتلبي لها طلباتها كلها، لكن الأم (كما تستذكر كاثرين) شعرت بالخيانة والاحباط حينما قدمتها ابنتها بربارا بصورة المرأة السكيرة المتنمرة في مذكراتها العاطفية الشهيرة (حارس أمي)، التي كانت مفاجأة غير متوقعة وغير مألوفة للغاية، في كتابها الأكثر مبيعا لعام 1985، فقد ذهلت الأم من ذلك الكتاب، من جانبها قالت بربارا ان الحديث عن مظالمها علنا كان السبيل الوحيد؛ وأصرت: {لقد كتبت الكتاب لأني أحبها وأريد الوصول إليها، هذه في الأساس رسالة مفتوحة إلى والدتي}، لم تتحدث ديفز مع ابنتها مرة أخرى أبدا؛ لكنها ردت عام 1987 على اتهامات بربارا  في كتابها الذي حقق أعلى المبيعات: (من هنا وهناك)، الأمر الذي جعل الابنة تبدو مثل طفل كاذب وناكر للجميل. 
 
إرادة قوية
في نهاية المطاف أصبحت النجمة بيتي ديفز القوية الشهيرة انسانة فانية؛ إذ خضعت لجراحة استئصال لعلاج سرطان الثدي عام 1983، وكانت تدخن بإفراط؛ وعانت بعدها مباشرة سلسلة من الجلطات، وقالت بعد تعافيها: {لقد واجهت رعباً بأنني لن أعمل مرة أخرى أبدا، لأنني أحب العمل كثيرا}، وتستذكر كاثرين أمرا لم يعرفه كثيرون غيرها من خارج نطاق حياة ديفز؛ هو إنها سعت بقوة للعودة للعمل بعد تعافيها، قائلة: {حين تقرر ديفز أمرا فإنها لا تتوقف عند حد لتحقيقه، وطلب منها أن تقوم بتمارين التعافي؛ فالتزمت بها بقوة، وعادت قدرتها للحديث بسرعة، وقد أُصيبت بالجلطة خلال شهر تموز؛ لكنها عادت للبيت بخير بحلول عيد الشكر في تشرين الثاني}، عادت ديفز للتمثيل بالفعل؛ وقامت بدور البطولة في فيلم {حيتان أغسطس- The Whales of August} سنة 1987؛ لكنها لم تتصالح أبدا مع ابنتها الوحيدة، وتركت مزرعتها لابنها ميشيل، أما كاثرين فقد عملت بعدها مساعدة لعدد من الممثلات الشهيرات؛ لكنها ما زالت تدين للنجمة ديفز بكل ما تعلمته، قائلة: {لقد درستُ في الجامعة أربع سنوات؛ لكنني تعلمت أكثر بكثير من بيتي 
ديفز}.  
 
عن مجلة {كلوزر}