لكن، ماذا يعني ارتفاع سعر النحاس عالمياً؟  إنه يعني ارتفاع كلفة تصنيع أي جهاز كهربائي، وكل محرك كهربائي يحتوي على ملف. وكذلك ارتفاع كلفة الطاقة الخضراء المعتمدة على الموارد المتجددة لتوليد الكهرباء. إنه يعني ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائيَّة (هذا غير الارتفاع الذي تسببت به جائحة كورونا والإغلاق العام). سترتفع أسعار المواد الغذائيَّة عالمياً لأنَّ الإنتاج يعتمدُ على الأجهزة الكهربائيَّة الاستهلاكيَّة.

10500 $ دولار لكل طن متري من النحاس، هذا يعني عملياً زيادة 2 $ لكل محرك كهربائي معدل سعره 50-70 $ للقطعة. أي إنَّ الزيادة الانعكاسيَّة على أسعار الأجهزة الكهربائيَّة التي تستعمل النحاس في ملفاتها، ستكون بحدود 4 – 6 % من الكلفة المباشرة.

والتأثير الأكثر قسوة ستشهده صناعة الأسلاك الكهربائيَّة، وبالتالي قطّاع البناء. إذ إنَّ كمية النحاس المستخدمة هنا ستكون ذات تأثير نسبي أكثر.

سلاسل الإمداد والتوريد لهذا المعدن البرّاق بدأت تئنُّ تحت هذا التأثير. وتتوقع قراءات اقتصاديَّة أنْ يصل سعر الطن المتري من النحاس الى 14 ألف $ خلال عامٍ واحدٍ. بينما يزدادُ طلب الصين بشكلٍ متوالية هندسية لا يمكن توقعها.

إنَّ حجم السوق العالميَّة لهذه المادة يقارب 170 مليار $، بينما تتصدر (تشيلي) سوق التصدير بالاستحواذ على 30 % من مجمل الإنتاج العالمي. لكنَّ إنتاجها تراجع الى 5 ملايين طن عام 2020، مقارنة بـ 5.6 مليون طن عام 2019. والأمر لا يبتعد عن تأثيرات جائحة كورونا.

السبب الثاني في الارتفاع ناتجٌ عن حزمة إنعاش الاقتصاد الأميركي التي أقرها الكونغرس مؤخراً، وتضم 900 مليار دولار، ستدفعها الخزانة الأميركيَّة لتعزيز الاقتصاد في مواجهة كورونا. هذا الأمر دفع المستثمرين الى توقّع زيادة الطلب على العناصرة نصف المصنّعة في إطار الصناعات التحويليَّة، وهنا يطل النحاس برأسه مرّة ثانية ليخبرنا بأنه هو المعدن الأول الذي يجب أنْ يحسب له حساب في هذه الزيادات.

ويقول موقع mining.com، المعني بأخبار ودراسات التعدين “إنَّ الصين أحجمت عن التعاقد عندما رأت الارتفاع المفاجئ بأسعار النحاس. لكنها ستعاود الطلب. كل شيء يتعلق بأسعار المعدن الأحمر يجب أنْ يمرَّ بالصين».

أما عن تأثير ارتفاع أسعار النحاس على العراق، فيتوقع أنْ يكون تأثيراً تابعاً، أي إنَّ العراق يشتري البضائع التي يدخل فيها النحاس عنصراً أساسياً، وبالتالي سترتفع أسعار هذه البضائع، الأمر الذي سيؤدي إلى أنْ يدفع العراق سعراً أعلى بحدود 6 % سنوياً عن مجمل البضائع الكهربائيَّة المستوردة، أو الأسلاك الكهربائيَّة المصنعة من النحاس.