«ما حب الكمر كلش كمر» مظفر النواب تجربة رياديَّة متجدِّدة

ثقافة شعبية 2021/06/06
...

  سعد صاحب 
 
لكل شاعر ميزته في الكتابة، واسلوبه الخاص وصوره المتحركة في عالم سريع الانتقال من حالة الى ثانية، والذي يبقى ثابتا على سكة واحدة يضيع في الزحام، ومن يرحب بالتغيير يفرض سيادته على القصيدة، ومن لا يؤمن بالجديد يموت، ومن يستقبل الرياح القادمة يعيش في قلوب الناس لفترات طويلة.
 (انه يعجبني ادور عالگمر بالغيم 
 ما حب الگمر كلش گمر)
 
منافي
وهكذا لا يمكن للابداع ان يكون الا حين يقرر الشاعر المجازفة، والاحتكاك بالنار والكهرباء والحديد، والعشق بشكل مختلف، ودخول السجون المعتمة والذهاب الى اقصى نقطة في المنافي البعيدة، والاستعداد التام للموت والصلب والحرق والجنون، والاستمرار على هذا المنوال بلا تكاسل.
(شكثر زخت هم امس 
واركضت شمسية عشك
شكثر دكت ايدي
بنهيدج البرحي واشتعل جد العثك
نار بمراية اشيكمشج
من اجيلج 
انطبك انه ولهيبج نحترك)
 
ارهاصات الانسان الحالم
القصيدة الشعرية انعكاس لتجربة كاملة، والشعر الجيد لا يعرف الانكماش ويبقى مستمرا بالتواصل بين الاجيال، والكتابة المكتنزة تفرض نفسها على جميع الاذواق، والتمايز  بين الافكار موجود منذ زمان سحيق، والاشعار المحفورة في الذاكرة تلك التي تترجم ارهاصات الانسان الحالم الجريح.
(طعمة يا برحية الله 
وعنكج معيبر كمر 
وانه فارش حضني انطر
بلكي نسمة ليل تلعب بيج 
وتصيرين حصتي 
وكبل ما تملي شليلي 
وكلبج ايام المطر)
 
استذكار
فترة الشاعر الكبير مظفر النواب شهدت ولادة قصائد عميقة المعنى وعظيمة التركيب وجديدة الشكل والاسلوب، لا يمكن الاستغناء عنها او تجاهلها، والرجوع اليها من بديهيات الامور، لاستذكارها والتمعن في معانيها الجديدة، وللوقوف عندها اعجابا ولجني الفائدة. 
(زفة اشناشيل
وانه وياج ختيله بحجرة النوم
ومخاديد ودواشك وظلمة
الظلمة حلوة
الظلمة ماتترك اثر) 
 
لغة ثرية
القصيدة نتاج حضاري وسياسي وانساني واجتماعي، ولا بد من مختص ماهر يقوم بكتابتها لايصالها لكل شرائح، وهي بعيدة عن التوافقات العاجلة، وهي نظام وتصور واعتبار ومقاصد، وليست فوضى كلمات من دون ترابط، ولا كيفية غير محددة بشروط، اذ تحتاج الى لغة ثرية قابلة للتحديث، ولا يحق للمبدع ان يكتب على هواه دون الاهتمام، بجماليات الشعر الموجودة في التصوير والتعبير والترميز والكناية وكل المحسنات الاخرى، والمهم لا يكون تقليديا في ما يطرح وما يختار.
(صنطه الشناشيل وصنطه العكد
نام الدف على مخاديد الجوارين
وحصان العمر مسرع وره الكمرة عبر 
كنطره وماي وكمر 
كنطره ونوم وعثك جاس النهر
كنطره جانه المطر)
 
منزه من التشوية
الحدس الشعري احد عناصر قصيدة النواب، وياتي بعده الحدس الجمالي على مستوى بنية القصيدة وتناسق الابيات، ومن كل هذا العناء يبتغي الحصول على محب منزه من التشوية والكبرياء والغرور والمنافع، وهكذا درة مضيئة من المستحيل وجودها في ازمنة الرماد، ولا يصح تطابق الاطوال على مقاس واحد.
(يجي يوم الناس شجرة لوز
كل زهرة ربيع 
وانه كلبي يفكع افطرة مطر بين السجج 
والروح ياخذها السريع)
 
سر
الجمال الذي اتعب النواب دهرا، هو سر ينطوي على نفسه، ولا يبدو في الملامح ولا تدركه العيون ولا الحواس، ولا نراه في طريق او يصادفنا في مقهى، ولا يمكن دراسته في كتاب، او نسافر اليه في طائرة او قطار، كي نراه بانتظارنا خلف زجاج النافذة، مستريح على مقعد من خشب.
 (واصعد ويا الناس 
هذا اليشتري و ذاك اليبيع 
كل بشر يوصل محطه ويشبك اهله
وانه اشوبح من شبابيج الفراكين الحزينة)
 
من القبح الى الجمال
الوجه الجميل يأخذنا الى نور قدسي، او صوب الفكر الانساني المستقيم النابع من مرايا الارض وجماليات السماء، وكل انتماء الى قبح او جمال، ما كان من رغبة الانسان ذاته، والاخرون هم السبب بالارتقاء وهم الدافع.
(اكل للروح تنسيهم
تدنج راسها وتسكت 
حليب البيها مانعها 
كل روح ومراضعها
كل ايد واصابعها 
كل روح وجرحها الجرح ما ينلام 
يمعودين اهلنه يلحجيكم يالنشامه احزام).