مكتبة ودلالات

منصة 2021/06/13
...

قيس قاسم العجرش
 
اعتدنا أنْ توصلنا كلمة (مكتبة) إلى دلالات مختلفة محلياً. فقد تكون مجرّد محل لبيع القرطاسيَّة والاستنساخ، ولا رائحة لأي كتابٍ فيها. أو قد تكون مكتبة في مدرسة، صُودرت غرفتها لأغراضٍ أخرى نتيجة ضيق الصفوف واكتظاظ الطلّاب. أو قد تكون مكتبة للإعارة في كلية أو جامعة. ربما بسبب هذا الخلط، نجد في الغرب أنَّ (المكتبة) صار اسمها (مخزن الكتب/Book store). أما (المكتبة) التقليديَّة، فهي المكتبة العامَّة التي اتسعت نشاطاتها لتصبح مؤسسة ثقافيَّة متنوعة الأنشطة. 
غير صحيح بالمرّة أنَّ شيوع التواصل الاجتماعي قد قتل فرصة الكتاب في الحياة والتفاعل. وغير صحيح أنَّ التواصل البيني، والولوج غير المقيّد الى المعلومات والإنترنت أفقد الكتاب فرصته. إنما كانت الفرصة مفقودة منذ زمنٍ لأسبابٍ أخرى، أهمّها الشحّ في جهود تسويق الكتاب. مثل ذلك تراجع أعداد الصحف اليوميَّة ونسخها المطبوعة إلى مستويات غير مبررة، والشمّاعة التي يعلقها المتسببون بهذا التراجع هي ذات السبب أعلاه؛ شيوع التواصل الاجتماعي.
أحتفظ بسببين أساسيين لتراجع الورق، كتاباً وجريدة. الأول هو المحتوى. فأنا على قناعة تامة بأنَّ المحتوى الجيد يمكن أنْ يجلب زبوناً (قارئاً في هذه الحالة) من خارج السوق التقليديَّة التي يسوّق بها الكتاب أو الجريدة.
وحداتنا العسكريَّة، والمؤسسات الأمنيَّة ومنسوبوها، والجامعات وحتى السجون والمستشفيات ونزلاء الفنادق. كلّها أسواقٌ محتملة ستدفع من أجل شراء كتاب أو جريدة، فقط إذا ما سوّق لهم بصورة صحيحة وذكيَّة.
ثاني الأسباب لتراجع الطلب على الكتاب الورقي أو الجريدة الورقيَّة، هو استعصاء الخروج من القالب القديم للأغراض، لم تعد الجريدة مصدر خبر، مثلما أنَّ الكتاب صار مصدر جدل (يسوّق على أنه جدل). الكتاب وسيلة من وسائل أمن المجتمع على عقول أبنائه، فلا يمكن التفريط به بسهولة.