اللواء الدكـتور عدي سمير حليم الحساني
تُعدُّ ثقافات الشعوب من أهم مُعرفاتها، لا بل هي هويتها التي من خلالها يتم رسم الإطار المجتمعي والتعامل على أساس ذلك، ونتيجة للتطورات التي تطرأ على المجتمعات من الناحية الثقافيَّة والاجتماعيَّة قد ينتج عنها تحولات داخلية في بوصلة الأفكار والتقاليد السائدة في المجتمع، لكنها تبقى حبيسة الثقافات الأساسيَّة التي حكمت شعبها، لأنها المصدر الأساس الذي منه تنطلق الأعراف والتقاليد وغيرها من المسميات، ولثورة براكين التكنولوجيا العلميَّة وتطورها بشكل متسارع حيث أصبحت الأساس في حياتنا اليومية وسهلت الكثير من الأمور التي كانت في وقتٍ من الأوقات حلماً أو خيالاً لا يمكن حتى تصوره، فقد أضحت الهواتف الذكية والانترنت جزءاً مهماً في يومنا هذا بحيث قربت البعيد واختصرت المسافات وأصبح بالإمكان الاتصال بأي شخص في أي زمان ومكان بعد أنْ كانت من الأمور المستحيلة إلا عبر أسلاك الهاتف وفي أوقات وأماكن محددة.
ولعلنا إذا تمعنا في ذلك نجد أنها نعمة وليست نقمة ولكن إذا تم استخدامها بشكلٍ يخدم البشريَّة، إلا إذا حولها البعض لمصدر تعاسة وبؤس للآخرين، فالبعض يستخدمها للمعاكسة والبعض للتهديد وغيرها من الأمور كل حسب نزعته الشيطانيَّة، وما يهمنا هنا أنَّ بعض الشباب من كلا الجنسين قد يستخدم الهواتف للابتزاز وبجميع أشكاله من خلال استغلال جهل الآخرين لعمل هذه الأجهزة لا سيما الفتيات والمشكلات التي تتسببها داخل الأجواء الأسريَّة.
فبعض النساء يستخدمن الهواتف لابتزاز الآخرين ومنهم العاملون في مؤسسات الدولة من خلال التباهي بأنهن يمتلكن أرقام مدرائهن وفي حال عدم تنفيذ مبتغاهم سيتم الشكوى ضدهم وبالتالي سيتعرضون للعقوبات أو التوبيخ، ما يجعلهم أداة تعمل وفق مشتهياتهم رغماً عليهم والذين لا حول لهم ولا قوة وبالتالي يؤدي الى كسر وطمس شخصيَّة الموظف أمام هذه النماذج الرخيصة.
كما وقد يستخدمها البعض لتصوير الآخرين بدون علمهم واستخدامها كمادة تشهيرية بحقهم ليس من أجل شيء، وإنَّما بسبب أحقاد وأمراض داخليَّة وجهل بالقوانين التي تمنع ذلك وتُخضع من يعمد ذلك الى المساءلة القانونيَّة.
مقابل ذلك نجد أنَّ الأجهزة الأمنيَّة القائمة على ذلك تعمل جاهدة لمنع والحد من هذه الأفعال باستخدام أساليب علميَّة حديثة لكشف مرتكبيها.
فما تقوم به مديريَّة مكافحة الإجرام والدوائر المعنية في وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحاديَّة من واجبات نوعيَّة ضد هؤلاء ما هو إلا مثال للاستخدام الأمثل للوسائل العلميَّة بإنسانيَّة عالية والتي استطاعت من خلالها أنْ توقف عمليات ابتزاز كبيرة كادت تودي بسمعة وشرف ضحايا هذه الجرائم.
بالمقابل يجب أنْ تتم تقوية الأواصر الأسريَّة وتنمية ثقافاتها والتي لها الدور الأكبر في وقف انتشار عمليات الابتزاز من خلال رقابة ومتابعة الأبناء، فالرقابة الأبويَّة والنُصح والإرشاد الأسري تعد الأساس في منع تطور وتنامي هذه الجريمة ويسهم بشكلٍ مباشرٍ في خلق مجتمع متعافٍ من خُبث هذه الاعمال الإجرامية وصولاً الى سيادة القانون المجتمعي.