ظهرت كصوت جميل في الاذاعة العراقية في بداية الستينيات وكان الجمهور يستمع لصوتها بشغف واطربت الملايين، تميزت من بين الاصوات النسائية من بنات جيلها. واول من قدمها الموسيقار الراحل جميل بشير وسجل لها مجموعة اغان، نالت شهرة واسعة منها اغنية: “انا وياك”، “ميكفي دمع العين يا بويه” كلمات جودت التميمي والحان رضا علي وغنتها فائزة احمد بغير لحن واغنية “يمه يا يمه”، و”عشوملي”، و”يا ماخذات الولف” وغيرها..
وكان يطربني صوتها ويذكرني بطفولتي كنا نقدم برنامج “سوالف وطرب” في نهاية التسعينيات من اعداد عادل العرداوي واخراج د.علي حنون، وكان هذا البرنامج يقدم من شاشة تلفزيون العراق ذهبنا انا والمعد والمخرج الى النهروان قالوا لنا هناك تسكن سورية حسين وكان هذا البيت يرعاها لفقر حالها وكبر سنها وكانت تبيع سكائر مفرد في الطرقات، لكونها لا تملك المال لسد حاجتها المادية وحاورها الاستاذ عادل العرداوي وغنت لي وكان صوتها يتمتع بنفس القوة والجمال، ثم سجلنا لها حلقه وكانت مميزة.
كان الفنانون يتقاضون راتباً شهرياً من الدولة آنذاك تشجيعاً للفنان لكن المطربة سورية حسين لم تتقاض راتباً وﻻ تعرف لمن تذهب لكي تحصل على الراتب قلت لها اذهبي الى احد المسؤولين في وزارة الثقافة وذهبت الى استعلامات وزارة الثقافة، لكن مسؤولة الاستعلامات طردت سورية حسين لما شاهدتها بملابس رثة وكبيرة في السن اعتقدت انها متسولة، وفي المصادفة كنت ذاهباً الى الوزارة فوجدت سورية حسين جالسة على الرصيف المقابل للوزارة وهي تبكي بحرقة.. قلت لها لماذا تبكين؟
قالت طردتني (ام الاستعلامات) ذهبت الى الاستعلامات وبين حشود المراجعين، رفعت صوتي، لماذا تطردين هذه الفنانة الكبيرة؟ قالت ومن هي الفنانة الكبيرة ؟ قلت لها هذه سورية حسين، تألمت مديرة الاستعلامات وبكت وذهبت لها وقبلتها واعتذرت منها بعبارات طيبت خاطرها.
ثم اتصلت بالمسؤول عن تنظيم القوائم وكان يعشق صوت سورية حسين، بشكل ﻻ يوصف ولما عرف أنها موجودة في الاستعلامات، نزل مسرعاً، لكي يستقبلها وعندما شاهدها، قبلها ثم ادرج اسمها ضمن قوائم الفنانين كي تتقاضى راتباً شهرياً، لكن لم تكتمل فرحتها، لانها غادرت الدنيا ولم تتسلم استحقاقها الذي وعدت به، لكنها تركت ارثاً فنياً جميلاً.. رحم الله الفنانة سورية حسين.
*ملحن عراقي