مرشحو المكسيك بين الحياة والموت

بانوراما 2021/06/20
...

 باتريك ماكدونيل
 ترجمة: بهاء سلمان
كان التحشيد لحملتها يتصاعد بحدة، مع عزف فرقة موسيقية لأنغام فولكلورية عبر الشوارع، حينما أرسلت {روزا باراغان} مقطعا فيديويا مستعجلا على الفيسبوك بأمل جذب المزيد من الجماهير.
{تعالوا واصغوا،} قالتها يوم 27 آيار الماضي، من مدينة موروليون، حيث تتنافس على منصب العمدة. {تعالوا وشاركونا اللحظة. بامكاننا سوية جعل الأمور أفضل.. سأكون بانتظاركم هنا}. لم يكن معجبوها الوحيدين الذين التفتوا نداءها؛ فبعد ساعة تقريبا من تصريحاتها المدوية، ظهر مسلحون ليقتحموا الاحتفال، ويشتتوا الجمهور بوابل من الرصاص، فسقط أربعة جرحى وقتلت باراغان.
أصابت حالة الاغتيال المكسيك بالصاعقة، إلا إنها لم تكن سوى أمر لافت للنظر. ويعد موسم الانتخابات المحلية المكسيكية زوبعة لنقاشات حماسية وتجمّعات ملؤها النزاع، علاوة على سيل دائم من الترهيب والتهديدات والهجمات المميتة ضد المرشحين. كانت باراغان الضحية رقم 34 من بين المرشحين الطامحين لمناصب خلال إنتخابات البلدية. وأشارت الشرطة إلى العثور على مرشح عن مدينة تشيباس مذبوحا يوم 30 آيار الماضي، ليرتفع إجمالي القتلى إلى 35 شخصا.
ويضرب العنف الصفوف الحزبية، بيد أن غالبية الأهداف المعتادة كانت للمعارضين للأحزاب الشاغلة للمناصب الرفيعة. وتبقى الحادثة الأكثر شهرة تاريخيا هي اغتيال المرشح الرئاسي لويس كولوسيو وسط حشد انتخابي في مدينة تيخوانا، ولا يزال تكتنفه نظريات المؤامرة ويشكك بالرواية الرسمية التي تشير إلى أنها فعل فردي من رجل مسلح. لكن معظم الهجمات المستهدفة لمرشحي البلدات الصغيرة تفتقد إلى تفاصيل حماية موسعة. ومن خلال وسائل كثيرة، تهتم الجريمة المنظمة بشؤون السياسة المحلية أكثر من السياسة الوطنية، فالتحكم بالمجالس البلدية يضخّم خزائن العصابات، ويوفر مسلكا لنفوذ أقوى مع {شراء} المسؤولين لمقتضيات السلّم الإداري. 
 
اللهاث وراء المال
يقول الصحفي سيرجيو سارمينتو: {تعد الدوائر البلدية النقطة الأسهل المخترقة من قبل مجاميع الجريمة المنظمة، لكن العواقب تذهب بعيدا إلى ما وراء المحور المحلي. وتسعى العصابات المحلية إلى اختراق قوات الشرطة والإمساك بطرق التهريب واحتكار المال العام وحماية الأعمال، وغسل العائدات المالية غير الشرعية وتوسيع فرص ابتزاز المال من المصالح التجارية المحلية. 
تطرح دائرة العنف المتواصلة والمترافقة مع انتخابات المكسيك سؤالا: هل اختطف السفاحون ديمقراطية البلاد؟ يرى خافيير بوسادا، الخبير الأمني لدى إحدى الجامعات المكسيكية أن انتخابات هذا العام هي الأضخم بتأريخ البلاد، مع مناصب تفوق العشرين ألفا عبر المكسيك، بضمنها 15 منصب حاكم ولاية، وخمسمئة مقعد للكونغرس، و30 هيئة تشريعية من أصل 32، علاوة على آلاف المقاعد للمجالس البلدية ومواقع محلية أخرى.
ويتعرّض الرئيس المكسيكي، اندريه اوبرادور، لانتقادات لاذعة منذ توليه السلطة سنة 2018 بسبب تدني عمليات مواجهة مجاميع العصابات، ويقول إن العصابات {تحاول إرعاب الناخبين، وينبغي علينا أن لا نهلع، ونشارك ونذهب لندلي بأصواتنا، فعندما يحصل امتناع، ستسيطر العصابات على الانتخابات}.
 
ضياع القانون
في بلدة سوتشيتيبيك التابعة لولاية موريلوس، تلقت المرشحة لمنصب العمدة اليخاندرا لاغوناس الحماية من الشرطة فقط بعد إعلانها الإنسحاب من سباق الانتخابات، فقد حاول أحدهم إيقاف سيارتها على الطريق، وتلقت رسائل تهديد بالقتل على هاتفها النقال.
من بين الضحايا عمر هيرنانديز، 57 عاما، الذي تأمل أن يكون عمدة بلدة يوريابان التابعة لولاية ميكوكان. ويتحدث حزبه عن اختطافه وبقائه غائبا حتى الآن. هيرنانديز، وهو مزارع افوكادو، كان قد أعلن وجود الجريمة المنظمة في بلدته، كما تعرض ولداه إلى الاختطاف سنة 2012 واختفيا من الوجود، وهو مصير يتشارك به آلاف من المواطنين المكسيكيين
المختفين.
بالعودة إلى روزا باراغان، التي كانت تلقي خطاباتها أمام الجمهور في بلدتها، موروليون، التابعة لولاية غواناخواتو، أحد اكثر مناطق المكسيك المبتلاة بالعنف الدموي خلال السنين الأخيرة، حيث تتصارع العصابات المتنافسة على السيطرة على تهريب المخدرات وبيع الوقود في السوق السوداء. أقسمت باراغان على محاربة الجريمة المنظمة والكسب غير المشروع، ووصفت نفسها بأنها {محاربة إجتماعية} وأنها إذا ما فازت ستتبرع براتبها لإنشاء ملجأ للأطفال المعوزين.
كتبت قبل مقتلها بشهرين على الفيسبوك إنها كانت ضحية {حرب قذرة}، وهناك من يحاول تشويه سمعتها، وأن مسؤولين فاسدين في البلدية يخشون صعودها لأنها ستحرمهم من {منجم الذهب} لذي يدر عليهم مكاسب هائلة. 
 
صحيفة لوس انجلس 
تايمز الأميركية