الأمن العراقي

منصة 2021/06/20
...

قيس قاسم العجرش
مثلما خدعت الأغاني الحماسيَّة الكثير من أبناء جيلنا ومن سبقنا، وجعلته يرى في الحنجوريات الفارغة معنى الاستقلال نفسه، تعرّض أبناء هذا الجيل لتأثيرات التك توك والمقاطع القصيرة والسوشيال ميديا سهلة التلفيق.
حتى أنه ليس من الصعب أنْ نجد حفنة من الشباب تحت 18 عاماً وهم يظنون (رقمياً) أنَّ العراق، مثلاً، كان يتمتع بالعزّة والكرامة والهيبة طوال عقودٍ من الدكتاتوريَّة.
كيف؟، فقط لأنَّ هناك مقاطع قديمة جرى استحضارها رقمياً ودمجها مع أغاني التمجيد والحرث بالماء!.
هذا لا يسمى أمناً، ولا عزة ولا كرامة.
ولا حتى فيه رائحة الوطنيَّة.
الوطن يكون عزيزاً متى ما جمع احترام أكبر عددٍ من دول العالم.
لهذا، فإنَّ القطيعة التي أوقعت الدكتاتوريَّة بها العراق، والتي امتدت ثلاثين عاماً، لا يمكن أنْ ترتبط بأي هيبة من أي شكل كان.
أربعون عاماً والعراق يُعامل على أنه دولة قابلة للحَلب فقط.
متاحٌ لأبنائها الموت ضمن معادلة يغذيها الآخرون فقط.
فأين الاستقلال والأمن العراقي من هذا؟.
قبل سنوات قليلة، وقف أحد أعضاء البرلمان الأسترالي ليقول: هل تدرك الحكومة الأستراليَّة أنَّ مساعدة مجموعة من (الضعفاء) في قتال عدوهم تعدُّ عبثاً؟.
طبعا كان يعني مساعدة الحكومة الأستراليَّة للعراق في حربه ضد داعش.
وبالتأكيد لا داعي لردّ الشتيمة على صغير كهذا، لكنَّ داعش هُزمت على يد العراقيين (وليس الأستراليين!).
ووقتها كانت الحكومة الأسترالية قد وضعت بعض الشروط السياسيَّة أمام العراق لينال الدعم الأسترالي الذي لم يأتِ بكل حال.
لكنَّ الأهم، أنَّ استراليا والولايات المتحدة ودول الجوار العراقي، كلهم عرفوا أنَّ التعامي الذي مارسوه وهم يسمحون للإرهابيين بالذهاب الى العراق، لم يستقبله العراقيون إلّا بالموت.
كانت تلك لحظة حقيقيَّة لصناعة أمن عراقي يفهمه العالم. هذا هو الأمن الذي يجب أنْ يكون.