جاك إيوينغ وهايلي أوستن
ترجمة: ليندا أدور
دفعت عمليات الإغلاق وحظر التجول الصحي التي فرضتها السلطات بمدينة هامبورغ الألمانية بهدف السيطرة على انتشار وباء كورونا، وحالة عدم اليقين بموعد عودة الحياة الى طبيعتها، بالكثير من المتاجر فيها الى حافة الهاوية.
فالمانيا التي عرف عنها انها موطن صناعة السيارات الفاخرة والأدوات الآلية وغيرها من السلع التي حمت اقتصاد البلاد ككل من أسوأ تأثيرات الجائحة، لكنها في الوقت نفسه، هي مجموعة من أصحاب المتاجر والأعمال الصغيرة التي غالبا ما يكون موظفوها من الأسرة نفسها، لكن الكثير من أصحاب الأعمال وتجار التجزئة في مدينة هامبورغ الميناء وجدوا أنفسهم على حافة الوجود، بسبب القيود والإجراءات المفروضة والمتغيرة من يوم لآخر، فهم يرتجلون في محاولة للبقاء على قيد الحياة.
خيار الصمود
تقول ثيودورا فيزو، مالكة متجر لبيع الملابس يحمل اسمها، بأنها بدأت باستقبال زبائنها عن طريق المواعدة، وعمدت الى تغيير واجهات العرض في المتجر بما تعرضه من ملابس وإكسسوارات، في أحايين كثيرة وعلى نحو أكثر من المعتاد. أما يايي تشان، صاحب متجر لبيع قصص مانجا المصورة والروايات المصورة، فقد لجأ الى إنشاء قناة على موقع التواصل «تيك توك» وطلب من موظفيه ابتكار محتوى بهدف الترويج للبيع عبر الانترنت.
أما بيرجيت وايروفسكي، التي اعتادت صنع آلات الكمان في متجرها منذ 34 عاما، فقد تمكنت من تعويض، ولو جزئيا، التراجع في المبيعات عن طريق بيع قيثارات الأكلال (آلة موسيقية)، التي تحظى بشعبية واسعة بين الموسيقيين من المبتدئين لسهولة العزف عليها.
لكن هذه الارتجالات غالبا ما تكون مصحوبة بجوانب سلبية، اذ تخشى وايروفسكي ان الشباب الذين لجؤوا لاقتناء آلة الأكلال اثناء الإغلاق لمحاربة الملل، سيفتر اهتمامهم بها في ظل غياب الدروس الحضورية والعزف الجماعي.
لم يكن هناك أمام الكثير من المهن، خيار حقيقي آخر سوى أن تصمد حتى يتم تخفيف إجراءات الإغلاق، اذ لا يزال يسمح لإديب كوجوكوغلو، يعمل خياطا، بإجراء بعض التغييرات لكن بغياب زبائنه، «فلماذا ينفقون المال لتحسين مظهرهم وهم لا يغادرون المنزل؟»، يقول كوجوكوغلو: «لا يأتي الزبائن لإجراء بعض التعديلات او صنع جديدة، هم بانتظار تحسن الظروف»، مضيفا «شيء جيد أن أمتلك هذا المحل، فإن لم أكن مالكا له، لكنت أغلقته منذ وقت طويل».
بين انتعاش وارتجال
عادت الجائحة بالفائدة على قلة قليلة من المهن، يقول دينيس جاكوب، صاحب محل قصابة، أسسه جده في العام 1951، وحيث عمل طوال حياته، بأنه كان لا ينفك يجهز طلبات زبائنه الذين صاروا يطهون أكثر بأنفسهم ويتسوقون من المحال القريبة من منازلهم: «التقيت العديد من الوجوه الجديدة، وقد كبرت قاعدة زبائننا».
رغم ما عرف عن الالمان بأنهم منظمون، لكن الصورة النمطية تلك لم تنطبق على حملة التلقيح في البلاد، ففي أواخر نيسان الماضي، كان أقل من ربع السكان فقط قد تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح، وهو ما أثر سلبا في مجالات عدة ومنها السياحة. يقول كريستيان مولر، صاحب وكالة سفريات، بأن مبيعات شركته تراجعت بنسبة أكثر من 90 بالمئة حتى الآن خلال هذا العام: «حين يأخذ الناس اللقاح، حينها فقط، سيشعرون بالثقة والاطمئنان لقضاء إجازة خارج البلاد»، مضيفا «التطعيم هو مفتاح الأمور ككل».
لا يختلف الأمر بالنسبة لكثير من الأعمال التي تعتمد على حفلات الزفاف أو المآتم وغيرها من التجمعات البشرية الأخرى، تقول ديانا هيتيج، تعمل بائعة زهور: «لا شيء منها يقام الآن، لا احتفالات
ولا شيء إطلاقا، فقدنا كل شيء في العام 2020».
في الوقت الذي ازدهرت فيه تجارة البيع بالتجزئة عبر الانترنت، فإن المبيعات عبر الانترنت لم تكن خيارا حقيقيا للمتاجر التي تعتمد على الحضور الشخصي، كمتجر ماري جوزفين لبيع القبعات، اذ تقول: «لا يمكنني صنع قبعة من دون أخذ المقاسات أو لمس الزبون، فصناعة القبعات أمر خاص ومميز جدا»، علما أن أكثر من ثلثي مبيعات قبعات جوزفين هي للانتاج المسرحي الذي توقف هو الآخر بسبب الجائحة، تقول: «كانت تلك هي القشة الأخيرة» فقد انخفضت عائدات متجرها بنحو النصف العام الماضي، مشيرة الى أنها مستمرة بعملها في مشغلها بصنع القبعات، بناء على طلب زبائنها في
المسرح.
*صحيفة نيويورك تايمز الأميركية