واشنطن: أ ف ب
يعمل أستاذ إدارة الأعمال في جامعة هارفارد ريم كونينغ على درس التأثير السلبي للأحكام المسبقة على الابتكار، فقبل ثلاث سنوات، عاش شخصياً حالة تندرج ضمن موضوع أبحاثه، إذ إنَّ زوجته التي أصيبت بمرض نادر بعد ولادة طفلها، لم تستطع إيجاد علاج مخصص للأمهات الشابات.
وأوضح كونينغ أنَّ زوجته أصيبت بتسمم الحمل بعد الولادة، وهو مرض يتسم بارتفاع ضغط الدم لدى الأم. وروى أن هذا المرض «ظهر فجأة، وكان مرعبا أكثر بكثير مما كان يُفترض»، موضحا أنه «يمكن معالجته بالمغنيسيوم لخفض ضغط الدم، لكنّه مؤلم إلى حد كبير».أصيب الزوجان بخيبة أمل أيضا إزاء نوعية الأجهزة التكنولوجية المخصصة للأمهات واعتقدا أنَّ السبب قد يكون أن رجالا صمموا معظم الابتكارات الطبية من دون مراعاة احتياجات النساء.
وحدا ذلك بكونينغ إلى إجراء تحليل محتوى بواسطة «التعلم الآلي» لأكثر من 440 ألف براءة اختراع طبية حيوية في الولايات المتحدة، قُدِمَت من 1976 إلى 2010، ونشر نتائج دراسته أخيرا في مجلة «ساينس».
من خلال البحث في أسماء المخترعين وربطها ببراءات الاختراع، وجد ريم كونينغ وزملاؤه أن براءات الاختراع التي قدمتها فرق من المخترعات كانت أكثر ميلا من غيرها بنسبة 35 في المئة إلى التركيز على صحة المرأة.
وبيّن التحليل أن الفرق التي تضم غالبية من النساء كانت أكثر ميلا من غيرها بنسبة 18 في المئة لتصميم منتجات تأخذ في الحسبان مشكلات النساء الصحية، من انقطاع الطمث إلى الفايبرومييلجيا.
ولكن إذا كان للاختراعات التي تقف وراءها نساء تأثير كبير على المنتجات المتعلقة بصحة المرأة، فإن تمثيل النساء في هذا المجال ضعيف.
أظهرت الدراسة أن 25 في المئة من براءات الاختراع المودعة على مدى العقود الثلاثة التي شملها التحليل كانت تعود إلى مخترعات. واستنتج الباحثون أن نحو 6500 اختراع آخر تُركّز على النساء كانت لتتوافر في السوق لو كان عدد اصحاب براءات الاختراع متساويا بين الرجال والنساء خلال هذه الفترة. وقال كونينغ إن «الأبحاث السابقة أظهرت للأسف أن النساء يشكلن أقلية بين أصحاب براءات الاختراع في الولايات المتحدة، سواء في الطب الحيوي أو في مجالات أخرى (...) لذلك لم نفاجأ ، لكننا شعرنا بخيبة أمل لأن الأرقام لم تشهد سوى تطور طفيف».
فعلى الرغم من التحسن على مدى السنوات الأخيرة، تشكل النساء 27 % فحسب من جميع العاملين في الولايات المتحدة في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وفقا للإحصاء. ومن المرجح أن تستمر الفجوة في المنتجات المستقبلية التي تعود بالفائدة على احتياجات صحة المرأة.
وفي تعليق متعلق بالدراسة، أكدت فيونا موراي التي تجري بحثا عن الابتكار والشمول في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن المبتكرين من خلفيات مختلفة يرصدون مكامن النقص في الأبحاث ويحسّنون الأداء وحياة المزيد من الناس وصحتهم. فطبيبة العيون الأميركية الإفريقية باتريشيا باث مثلا، حصلت على براءة اختراع عام 1988 لنظام إزالة المياه البيضاء بالليزر. ومع أن الاختراع عاد بالفائدة حتما على النساء اللواتي يعانين مرض العين هذا بشكل غير متناسب، فهو كان نافعا أيضا لجميع المصابين. ورأى كونينغ أن النقص في المخترعات قد يؤثر سلبا من المنظور التجاري على الاقتصاد الذي يكافح للتعافي من آثار جائحة كوفيد - 19. وأضاف «عندما لا تُمنح النساء الفرصة للاختراع أو لإنشاء مؤسسات جديدة ، نخسر أفكارا جديدة وتقنيات جديدة وبالتالي ينتهي بنا المطاف بنمو اقتصادي أبطأ (...) فالمجتمع لا يفقد أفكار النساء فحسب، بل إن المستهلِكات خصوصا يتضررن».