سلسلة موجودة بالأصل

منصة 2021/06/27
...

قيس قاسم العجرش
 
سمتان ستحكمان صفة وصورة العالم القادم. إنه عالم (ما بعد الإرهاب)، وعالم (ما بعد كوفيد - 19). قضى العراقيون 11 عاماً يقارعون الإرهاب تقريباً لوحدهم، بينما كان المشروع الأميركي منشغلاً بغلق ملفاته في العراق. لتظهر بشاعة عصابات داعش الإرهابيَّة بمستويات أخرى عام 2014، ومع ذلك أيضاً قاتلها العراقيون بضراوة الذي سيبذل كل شيء في سبيل بلده، وبمعونة من الأصدقاء الذين استشعروا خطر تمدد الإرهاب بلا رادع.
فما الذي سيطبع (عالم ما بعد الإرهاب)؟.
بثقة أقول إنَّ التجربة العراقيَّة هي التي ستطبع كل الدروس المستحصلة من المواجهة مع التطرّف والإرهاب. بعبارة أخرى، كل من سيحارب الإرهاب في المنطقة عليه أنْ يتعلم وأنْ يتعاون مع العراقيين في هذا المضمار.
لهذا، فإنَّ من سمات أي طاولة تجمع مصر بالأردن بالعراق، أنَّ تكون مهيأة بملفات محاربة بقايا داعش وفلوله أينما ظهرت في الدول الثلاث. وأتخيل أنَّ هذا الملف لن يغيب أبداً عن التنسيق بين العواصم الثلاث.
إنَّ سلسلة الأمن الرابطة بين القاهرة وبغداد وعمّان، هي موجودة بالأصل. ولن يفتعلها أحد، فالمجتمعات التي ظهرت بها جيوب أو بُقع إرهابية هي أعرف بداء تلك البُقع ودوائها. وهي أشد حساسيَّة تجاه نمو رؤوس الأفاعي الإرهابيَّة من أي قوة أخرى مهما عظُمت. لهذا أقول: لا غنى لكل من يحارب الإرهاب المبني على التكفير والانحراف عن التواشج مع التجربة العراقيَّة في هذا المجال. بل إنَّ التعاون البيني يكاد يكون المفتاح الأوحد، والبديل لأي تدخل خارجي (أثبت في مرّات كثيرة) أنه يغذي نيران الجهل والتطرّف أكثر من مساعدته على إطفائها.
علينا كعراقيين ألّا نستهين بالمنجز الضخم الذي يقترب من المعجزة بهزيمة داعش، والذي فاق التوقعات كلها. هذا الانتصار ببساطة هو نواة الصحوة الإقليميَّة، التي تهم الأصدقاء والأشقاء، لضرورات وجود ما يشبه الإنذار المبكر التعاوني لوأد الفتنة أينما ظهرت. هذه بوابة من بوابات التعاون والسلام والاستقرار التي تسعى إليها بالتأكيد؛ عمّان والقاهرة، ولن تكون بعيدة عن مساعي بغداد أبداً.