إعداد: الصباح
كان سلمان (14عاماً)، مجرد طفل يزيدي عراقي يرعى الأغنام في قريته (تل عزير) التي بدأت تتعافى بعد زوال ظلام عصابات داعش. الى غاية قبل أيام قليلة، إذ انفجرت عبوة ناسفة من مخلفات تلك الحقبة لتودي بحياته وحياة خرافه.
وبعد 24 ساعة، تحرك منتسبو الفرقة 20 من الجيش العراقي لإزالة مخلفات ما تم الكشف عنه من متفجرات في بقايا ذلك المجمع السكني في (تل عزير) مركز ناحية القحطانية التابعة لقضاء البعاج في نينوى، لكن الركام كان يخفي المزيد وانفجرت عبوة أخرى من مخلفات داعش، لتتسبب هذه المرّة بجرح عدد من منتسبي أبطال جيشنا
العراقي.
كانت منظمة (MAG) البريطانية العاملة على إزالة الألغام التي تعمل بمنح من الدول المانحة قد أعلنت قبل أكثر من عام أن المجمع أصبح خالياً من البقايا الخطرة، لكن القدر يتحرك باتجاه آخر، فما هو حجم مشكلة العبوات الناسفة والألغام في العراق؟.
تكلف الألغام العسكرية بضعة دولارات لكل لغم، لكن إزالتها تتطلب جهوداً مضنية ومعدات للتفحص والاستشعار،فضلا عن تدريب طواقم على إزالتها.
أما بقايا ما تركه التنظيم الإرهابي من مخلفات قابلة للانفجار فهي الأخطر، لأنه كان يعتمد على العبوات الناسفة المصنعة محليا التي تعرف عسكريا بـ(IED)، وهي تستخدم مواد كيمياوية معاد تصنيعها وحاويات من البلاستك أو حتى القصدير(التنك)، لكن صعوبة كشفها بين الانقاض هي التي تعقد المشهد.
وفي كانون أول الماضي، كان أربعة من الأطفال يلعبون في قرية القابوسية الى الجنوب من سنجار حين انفجرت عبوة ناسفة بين المخلفات أدت الى مقتل اثنين منهم واصابة الاثنين الآخرين. ويؤكد نشطاء ووجهاء المناطق تلك، وجود العديد من المناطق غير المطهَّرة من المخلفات الحربية في سنجار، وتعد هذه من أهم العوائق أمام عودة النازحين، فضلا عنأنها من أكبر المخاطر التي تواجه الأسر التي عادت في الفترة الأخيرة، والأمر يحتاج الى جهود دولية من أجل تطهير القضاء بشكل
كامل.
إن المناطق الحدودية بين العراق وإيران، وميادين المعارك السابقة خلال الثمانينات، فضلا عن مناطق جبلية من إقليم كردستان العراق هي كلها مناطق ما زالت بحاجة الى حملات كبرى للكشف عن المخلفات الحربية الخطرة، والمقذوفات غير المنفقلة التي غطتها التربة أو حركتها السيول
والأمطار.
لكن المشكلة في مناطق الموصل تصبح اكثر تفاقما لأن انواع المتفجرات الممكنة من بين المخلفات تختلف، إذ اعتمدت عصابات داعش الإرهابية على استخدام اي حاويات معدنية او بلاستيكية متوفرة لغرض تصنيع أدوات الموت التي نشرتها بين المنازل والبيوت والأحياء السكنية.
وتشير التقديرات الى وجود أكثر من 30 مليون لغم غير مكتشف في ميادين المعارك السابقة، لكن هذه التقديرات تصبح أصعب حين يتعلق الامر بتخمين ما تركته عصابات داعش من أسباب للموت خلفها.