في زمن التكنولوجيا عقوق صامت خارج النطاق الأسري

اسرة ومجتمع 2021/07/03
...

 سعاد البياتي
 
تروي خديجة محمد (70 عاما) وهي أم لسبعة اولاد بين بنين وبنات كبروا وتزوجوا، وانشغلوا في متاهات الحياة الحلوة والمرة، روت لي مشاعرها الموجعة مع تناسي أولادها لها في أبسط حقوقها كأم ربت وتعبت وسهرت وعانت!
كل ذلك وبعد اعوام من تحملها ذلك، عاشت وحيدة في دارها لم تقو على العمل البيتي او توفير غذائها البسيط المعتاد، مرضت وازدادت أوجاعها يوما بعد آخر. أولادها السبعة يزورونها بين حين بعيد وآخر وإن تواجدوا معها، لم يروها سوى لدقائق بحجة العمل والانشغال، يتصلون بها عن طريق الهاتف النقال لثوانٍ معدودةٍ، من دون التطرق الى الاشتياق والحب، ما جعلها تعاني من الفراغ والكآبة. تقول هي العقوق التي اخشى عليهم منها!.
مع كثير من الألم والحسرة يمكننا القول وفي هذا الزمن إن البنت لم تعد صديقة أمها، ولم يعد الولد يسير على سر أبيه، بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي والمسلسلات صديقة البنت المفضلة، والابن أصبح يسير على سر نزواته ومتطلباته شبه المستحيلة.
في هذا الصدد يبين الباحث في الشأن الأسري امجد الباوي بالقول: 
أستطيع القول إن مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت تحرض الابناء والبنات على العقوق، ليس العقوق المتعارف عليه من قسوة وصراخ وتجاوز صارخ على حقوق الوالدين، بل هو العقوق الصامت عقوق العصر الجديد، الذي أسهم في ايجاده الفيس بوك والانستغرام وغيرههما، الذي جعل ابناءنا يقلبون اية الليل والنهار، فينامون نهارا ويستيقظون ليلا، تاركين الأب والأم في معاناة من نوع اخر.
فالعقوق الصامت حسب الباوي، هو أن ترى الام التي دخلت عقدها السادس تقوم باعمال التنظيف والطبخ الى جانب مهام اخرى، تنازل عنها الاب لتقصير منه او اهمال او انشغالات اهم، وهذا كله والبنت الشابة تزيد من تخلفها العاطفي بمتابعة المسلسلات التركية والكورية على سبيل المثال، حيث أكدت دراسة حديثة ان الفتاة التي تتابع هذه المسلسلات وتحب ممثليها تعاني من تعوق في المشاعر وتخلف عاطفي ولا تصل للأمنيات الواقعية نهائيا.
قمة العقوق أن ترى الاب مع كل ما يحمله من هموم العيش ومعاناة امراض العصر من ضغط وسكري وآلام مفاصل يحمل أكياس الخضار، ويلبي جميع احتياجات المنزل، والابن يستيقظ ليلا متعكر المزاج فلا يملك الوقت للجلوس مع والديه او الحديث معهما، الا وهو يريد تحقيق احدى مفردات طلباته التعجيزية وليس من المبالغة القول إن هذه المعاناة اصبحت في هذه الايام القاسم المشترك في معظم الأسر تقريبا.
خارج النطاق
ومن العقوق ايضا حسب ماجاء في بر الوالدين ان نخبر امهاتنا بكل همومنا ومشكلاتنا، وننسى أن قلبها الحنون لم يعد يتحمل مزيدا من الألم والقلق والتفكير بالذي يتعب اعصابها ونفسيتها.
المشكلة ان هذه العقوق لا تنتهي 
حتى بزواج الابن او البنت، بل 
يستمر على شكل تداعيات يمكن ان تحل بسهولة من دون تعكير مزاج الأم.
فهل يا ترى اصبح ابناؤنا خارج نطاق السيطرة؟
وهل يا ترى حذفت من المناهج الدراسية الحديثة الاحاديث الشريفة، التي تحث على احترام الوالدين والبر بهما والتي كنا نحفظها عن ظهر قلب، وهي ان رضا الله من رضا الوالدين وان الجنة تحت اقدام الامهات.
هذه الكلمات ليست هجوما على الجيل الجديد، بل هو واقع مؤلم.