جيـهــان السادات حكاية سيدة مصر الأولى

بانوراما 2021/07/10
...

  القاهرة: بي بي سي
توفيت في وقت مبكر من صباح أمس الجمعة جيهان السادات، أرملة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، عن عمر ناهز 88 عاماً وذلك في أحد مستشفيات القاهرة التي كانت تعالج فيه منذ أيام، بعد عودتها من رحلة علاجية طويلة بالولايات المتحدة.
ونعت الرئاسة المصرية جيهان السادات.
وجاء في البيان المنشور على صفحة الرئاسة على فيسبوك، «تنعي رئاسة جمهورية مصر العربية ببالغ الحزن والأسى السيدة جيهان السادات، قرينة الرئيس الراحل محمد أنور السادات.وأشار البيان الى أنَّ جيهان السادات «قدّمت نموذجاً للمرأة المصرية في مساندة زوجها في ظل أصعب الظروف وأدقها».
وكان نجلها محمد أنور السادات ذكر الخميس الفائت رداً على سؤال لصحيفة «اليوم السابع» المصرية، أنَّ والدته في وضع «حرج».
وهي أدخلت الى مستشفى في مصر منذ أسابيع، بعد رحلة للعلاج في الولايات المتحدة.
وقرر الرئيس عبد الفتاح السيسي منحها وسام الكمال، مع إطلاق اسمها على محور الفردوس (طوله نحو 9 كيلومترات، شرق القاهرة) بحسب بيان رئاسي.
 
طريق مختلفة
لعبت جيهان السادات على عكس زوجات القادة المصريين السابقين، دوراً بارزاً في السياسة المصرية، لا سيما في النهوض بقضية حقوق المرأة.
ولدت جيهان صفوت رؤوف في 29 آب من العام 1933 في جزيرة روضة بالعاصمة المصرية القاهرة، وهي ابنة الطبيب المصري صفوت رؤوف والبريطانية غلاديس تشارلز كوتريل اللذين التقيا في انكلترا بينما كان صفوت في جامعة شيفيلد يدرس الطب، وكانت الثالثة من بين أربعة أبناء.
والتحقت جيهان السادات بمدرسة حكوميَّة للفتيات وحصلت على تعليم ممتاز وتعلمت اللغة الإنكليزيَّة واللغة العربيَّة الفصحى والرياضيات والعلوم.
 
السادات والسلطة
ويقول موقع كرسي أنور السادات لدراسات السلام والتنمية التابع لجامعة ميريلاند الأميركيَّة إنه عندما كانت جيهان السادات في الخامسة عشرة من عمرها، قبلت دعوة لقضاء عطلة مع قريبة لها في السويس، وهناك التقت الضابط السابق الشاب أنور السادات المطلق سراحه حديثاً من السجن، والذي كان قومياً متحمساً يسعى لإخراج البريطانيين من مصر كما كان أحد قادة مجموعة الضباط الأحرار التي كان يتزعمها جمال عبد الناصر والتي كانت تسعى للإطاحة بحكم الملك فاروق.
وكان السادات قد سُجن بتهمة التعاون مع جاسوسين ألمانيين في العام 1942، ثم سجن مرة أخرى في العام 1946 بعد أنْ ارتبط اسمه بعدة هجمات على مسؤولين موالين لبريطانيا، بما في ذلك اغتيال وزير المالية أمين عثمان باشا.
وعلى الرغم من تبرئة أنور السادات وإطلاق سراحه من السجن، كان والدا جيهان لا يزالان متخوفين من علاقتهما، ذلك أنه إلى جانب فارق السن وأنشطة السادات الثوريَّة، كان أيضاً مطلقاً فقيراً ولديه 3 بنات.
وفي النهاية تحدثت جيهان مع والديها عن نيتها الزواج من أنور السادات.
ويقول الموقع إنه في 29 أيار من العام 1949 تزوجت جيهان صفوت من أنور السادات، وبذلك بدأت رحلة استمرت لأكثر من 32 عاماً مع رجل سيصبح رئيساً لمصر وسيغير مجرى التاريخ ليس فقط للشرق الأوسط، ولكن أيضاً للعالم.
وكان السادات، منذ أنْ تمت محاكمته عسكرياً بعد حادثة الجواسيس الألمان، يكسب لقمة عيشه كصحفي حتى استطاع أصدقاء متنفذون إعادته للجيش في العام 1950.
وفي 23 تموز من العام 1952 انضم السادات إلى عبد الناصر في انقلاب غير دموي أجبر فاروق على ترك البلاد، وجعل عبد الناصر الزعيم المصري الجديد بعد الإطاحة في العام 1954 بمحمد نجيب أول رئيس للجمهورية المصريَّة والذي دفعه الضباط الأحرار لصدارة المشهد في البداية.
 
السيدة الأولى
وخلال فترة رئاسة عبد الناصر، والتي تورطت مصر خلالها في صراعات عسكريَّة، كان السادات أحد المسؤولين القلائل الذين ظلوا في إدارة عبد الناصر نظراً لتمسكه بفلسفات عبد الناصر السياسية، وقد أدى ذلك إلى حصوله على منصب نائب الرئيس في العام 1969، وعندما توفي ناصر بنوبة قلبية بعد أقل من عام، صعد أنور السادات إلى الرئاسة وانضمت إليه جيهان السادات لتصبح في دائرة الضوء.
وعلى الرغم من أنه كان من المتوقع أنْ تبقى جيهان السادات بعيدة عن الأنظار مثل من سبقنها إلا أنها صممت على المضي في طريق مختلف، فقد كانت تدرك جيداً وضع المرأة وبدأت في وقت مبكر في الدعوة للتغيير.
أنشأت في العام 1967 جمعية تعاونية في قرية تالا، بمحافظة المنوفية التي ينتمي إليها زوجها، حتى تتمكن الفلاحات من الحصول على درجة من الاستقلال الاقتصادي عن أزواجهن من خلال تعلم الحرف اليدويَّة.
وخلال حرب عام 1973، ترأست الهلال الأحمر المصري وجمعية بنك الدم المصري، وكانت الرئيس الفخري للمجلس الأعلى لتنظيم الأسرة، كما كانت رئيسة الجمعية المصرية لمرضى السرطان، وجمعية الحفاظ على الآثار المصرية، والجمعية العلمية للمرأة المصرية، وجمعية رعاية طلاب الجامعات والمعاهد العليا، التي جمعت الأموال لشراء الكتب والملابس للطلاب، كما أنشأت دوراً للأيتام ومرفقاً لإعادة تأهيل المحاربين المعاقين.
وللتأكيد على تعليم المرأة، التحقت جيهان بجامعة القاهرة لدراسة الأدب العربي في سن 41 وتخرجت في العام 1978، وحصلت على درجة الماجستير في العام 1980.
وفي العام 1979، أدى تأثيرها في زوجها إلى إصدار مجموعة من القوانين، كما تم تخصيص 30 مقعداً في البرلمان المصري للنساء، وتم منح النساء حق الطلاق لتعدد الزوجات والاحتفاظ بحضانة أطفالهن.
وفي 6 تشرين الأول من العام 1981، أقيم عرض عسكري في القاهرة لإحياء ذكرى حرب اكتوبر 1973، وكان السادات يرتدي زياً رسمياً كاملاً ويحيط به حراس شخصيون وكبار الشخصيات المصرية عندما تم اغتياله.
لم تصب جيهان السادات بأذى فقد كانت بأمان خلف الزجاج المضاد للرصاص الذي رفض زوجها استخدامه.
 
الحياة الأكاديميَّة
بعد اغتيال أنور السادات، دخلت جيهان في عزلة لمدة عام.
وعندما خرجت من فترة الحداد استأنفت إلقاء المحاضرات وإعداد الدكتوراه في جامعة القاهرة.
وفي العام 1984، طلب منها رئيس جامعة ساوث كارولينا الأميركيَّة، التي منحتها درجة الدكتوراه الفخرية في العام 1979 أنْ تقوم بالتدريس فيها فقبلت الدعوة.
كما قامت أيضا بإلقاء المحاضرات في الجامعة الأميركيَّة في واشنطن العاصمة.
تركت جيهان السادات جامعة ساوث كارولينا في العام 1986 وأصبحت أستاذة زائرة في جامعة رادفورد في فرجينيا، كما حصلت على درجة الدكتوراه في النقد الأدبي من جامعة القاهرة في ذلك العام أيضا.
وأصبحت جيهان السادات أستاذة الدراسات الدولية في جامعة ميريلاند في العام 1993، ومنحت كرسياً هناك للسلام والتنمية باسم زوجها الراحل.
يذكر أنَّ أنور السادات وجيهان أنجبا 3 بنات هن لبنى ونهى وجيهان وابناً واحداً هو جمال، علما بأنَّ السادات كان متزوجاً من قبل بإقبال ماضي وأنجبا 3 بنات هن راوية ورقية وكاميليا.