ستودارت ونصرالله خان

منصة 2021/07/11
...

قيس قاسم العجرش
 
ستودارت كان عقيداً في الجيش البريطاني، وصل عام 1838 الى مدينة بخارى (في أوزبكستان حالياً) في مهمة يقول عنها المؤرخون إنَّ شركة الهند الشرقيَّة أرسلته ليعقد حلفاً مع أمير بخارى نصرالله خان، يؤمن طريق الحرير لحساب البريطانيين، ويفسد العلاقة بين روسيا وهذه الإمارة.
ويقال أيضاً إنَّ الحظ العاثر لعب لعبته، إذ خرج الخان نصرالله بنفسه لاستقبال العقيد، لكنَّ هذا الأخير حيّاه بالتحية العسكريَّة وهو ما زال ممتطياً حصانه. وفي عهدة الأزبك أنَّ هذه كانت إهانة ما بعدها إهانة، فرُمي العقيد البريطاني في زنزانة تحت الأرض. وبعد عدّة شهور خيّروه بين الإعدام أو اعتناق الإسلام، فاختار النجاة.
وأرسل نصرالله خان رسالة الى الملكة فيكتوريا. لكنْ بعد سنة من هذه الأحداث، وصل الى بخارى الكابتن آرثر كونولي في محاولة لإنقاذ ستودارت من سجنه. واستقبله الخان وجلس إليه يستمع، لكنه بعد محادثة بسيطة اكتشف أنَّ الكابتن لا يحمل أيّ ردٍ على رسالته من الملكة. فما كان إلّا أنْ ألقى به هو الآخر الى السجن. 
كان الخان يتابع بالتفصيل ما يجري من معارك بين الجيش البريطاني والأفغان في أفغانستان. أعود لأذكّر أنَّ هذه الأحداث كانت عام 1840 تقريباً. وانتهى الجيش البريطاني بهزيمة منكرة انسحب على إثرها من أفغانستان.
فهم الخان نصرالله أنَّ بريطانيا لن تكون جارته، ولن يفتح المستقبل معها أي تجارة ذات قيمة. وأنَّ جيوشها تعسّر عليها فهم جغرافيا أواسط آسيا، مثلما تعسّر على العقيد أنْ يفهم مبادئ البروتوكول وهو يحيّ الخان أول قدومه الى بخارى. كما فهم الخان أنَّ الاتفاق مع الروس سيكون أجدى، فأعدم السجينين في حفلة لقطع الرؤوس في الساحة الكبيرة أمام قلعة آرك الشهيرة. وبقيت بخارى تحكي قصّتها مع الإنكليز الى يومنا هذا.