آن كيدموس
ترجمة: بهاء سلمان
هل أنت على عجل لكونك متأخرا على موعد فرصة عمل أو رحلة طيران؟ في العديد من المدن الأفريقية، يكمن الحل بالقرب من الأركان، حيث تتوفر بسهولة دراجات نارية للأجرة لتقلك إلى أي مكان تقريبا في غضون دقائق. ولكونها ذات كفاءة عالية، رغم الفزع الذي تولّده طريقة قيادة سائقيها، تعد واسطة النقل بالأجرة هذه جزءا أساسيا من حركة التنقل داخل القارة.
ويواصل مالكو التطبيقات التقنية ملاحظة كفاءة ورواج الدراجات النارية، حيث زادت بشدة، خلال السنوات الخمس الماضية، تطبيقات استئجار الدراجات النارية لأغراض التنقل عبر أفريقيا، وصارت هناك شركات معروفة لدى دول عدة، مثل أوغندا ونيجيريا ورواندا. وبدأت شركات خدمات التنقل بالدراجات النارية بتوسيع أعمالها، من نقل الركاب وتوصيل المنتجات، وصولا إلى توظيفها بخدمة تجارة الألكترونيات الحديثة النشوء لتحقيق نتائج أفضل. لكن طموحات هذه التجارة واجهت معوقات البنية التحتية غير الملائمة، وارتفاع أسعار الارتباط بالشبكة العنكبوتية، لدرجة إن شركة أمازون لم تعرض خدمات تجارة الكترونية للقارة، رغم امتلاكها لمراكز تقنية فيها.
وتعتقد الشركات الداعمة لتقنيات تأجير الدراجات النارية بقدرتها على التغلّب على تلك المحددات. وعملت جائحة كورونا على تسريع هذا التحوّل، بحسب الخبير الصناعي والمالك السابق لأحد المشاريع «اوسارومن اوساميوي»، المتنقّل بين لاغوس ونيروبي: «كان الوباء بمثابة معجّل لهذه التجارة، فتوصيل البضائع صارت أكبر حجما مع إرغام الجائحة للناس على امتلاك الحاجيات بهذه الطريقة».
أهداف مستقبليَّة
وبينما يبقى تنقل الناس يمثل المصدر الرئيس لغالبية شركات الدراجات النارية، يمثل توصيل الطعام والبضائع الأخرى عبر الانترنت «هدف العديد من تلك الشركات،» بحسب اوساميوي. وأطلقت شركة «سيفبودا» خدمة توصيل الطعام سنة 2019، وبعد سنة تقريبا اشتركت مع صندوق الأمم المتحدة لتنمية رأس المال بتوفير منصة تجارة الكترونية للمنتجات الطازجة. ويربط تطبيق «محل سيفبودا» 800 بائع متجر مع المنازل داخل العاصمة كمبالا. وتوسعت منذ ذلك الحين بتوصيل الطلبات، من زيت الطبخ إلى المناديل الصحية. ولدى الشركة بائعو أسواق مزوّدون بهواتف ذكية لتطبيق الدفع غير النقدي من خلال تطبيق محفظة الهاتف النقال.
ورغم بدء الزبائن بالمخاطرة بشكل بطيء بالتجوال خارج منازلهم، ستبقى خدمات التوصيل قائمة، بحسب «ريكي تومسون»، أحد مؤسسي سيفبودا: «عندما ضربت الجائحة ضرباتها الأولى، كان مستقبل مصلحتنا التجارية غير مؤكد بشكل كبير، لكن الجائحة قدمتنا بوضع مختلف تماما».
وصار تنقّل الناس بواسطة الدراجات النارية غير قانوني بسبب مستلزمات التباعد الاجتماعي، بالتالي، كان على تومسون ورفاقه الاتيان بحل خلّاق، وكان ينبغي عليهم تنفيذه بسرعة، لتعمل حالة تحويل سواق الدراجات النارية إلى موصلي بضائع كحل مثالي ينشط سوقهم. يقول تومسون: «لقد ساعدتنا هذه الفكرة عبر مرحلة الجائحة، وتنامت لتصير أحد أكبر خدماتنا».
ولاحظ الركاب في نيجيريا أن بعضا من أكثر التطبيقات الالكترونية للدراجات النارية الناقلة شعبية قد تمحّورت على توصيل الطلبات أكثر من نقل الركاب. وتأثر هذا الميل بالقرار الصادر عن السلطات العام الماضي بحظر الدراجات النارية الناقلة للركاب داخل لاغوس، لتغيّر الشركات الكبرى تركيزها نحو توصيل الطلبات، وشهدت حركة ناشطة على مستوى البلاد كافة.
وبحسب «برتراند نجويا»، مدير الشؤون المالية لإحدى شركات النقل بالدراجات النارية، فإن توصيل الطلبات ونقل الركاب هما وجهان لعملة واحدة: «لدينا منهج محايد بالتوصيل، سواء لنقل الناس أو البضائع.» ويفضل نجويا استخدام مصطلح «شركة التنقّل» لوصف المصلحة التجارية، لأنها تؤكد هدف الشركة لحل احتياجيات البنية التحتية للقارة السمراء.
سرعة التوصيل
وتقع هذه الفجوات بالبنية التحتية في قلب تحديات التنقّل داخل أفريقيا، للناس والبضائع. «الازدحام المروري ساعد على سعة انتشارنا،» وفق ما يقول زهران كويكا، الذي يكسب قوته من سياقة دراجة نارية للنقل في العاصمة التنزانية دار السلام. هذا الشاب العشريني هو واحد من ملايين السواق العاملين بشكل غير قانوني في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، الذين يشكلون العمود الفقري لهذه المصلحة التجارية، المقدرة قيمتها بنحو 80 مليار دولار. ويؤكد كويكا إمكانية دراجته النارية إكمال رحلة من ضواحي المدينة إلى مركزها الصاخب بالحركة بمدة تقل أربع مرات عن أي سيارة أجرة أو حافلة.
وعندما يتعلّق الأمر بالتجارة الالكترونية، يعد إقتصاد انترنت جنوب شرق آسيا السوق العالمية الأكثر نموا، تاركا أفريقيا خلفه. مع ذلك، فالأحوال داخل القارة تتغيّر، فبحسب منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، فقد إزدادت أعداد المتسوقين على شبكة الانترنت داخل أفريقيا بنسبة 18 بالمئة سنويا منذ العام 2014.
ويشير اوساميوي بقدرة شركات الدراجات النارية بتعزيز مصلحة التجارة الالكترونية الأفريقية، إذا ما تمسّكت بتوصيل الطلبات وسهّلت التسوّق عبر الانترنت، مثلما فعلت شركة غوجيك الأندونيسية، فقد بدأت هذه الشركة المتّخذة من جاكارتا مقرا لها العمل بعشرين دراجة نارية سنة 2009، واليوم تقدم خدمة حسب الطلب لكل شيء، من غسيل السيارات إلى الاعتناء بالأظافر، رابطة الزبائن مع التجار.
يقول اوساميوي: «أعتقد بأن التجار العاملين بمفردهم سيحققون النجاح داخل أفريقيا، والمنصات التي تمكن من التسوّق الالكتروني لحاجياتهم ستحقق نجاحا. ويبدو تومسون مفتخرا بالنجاح مسبقا، حينما يتحدث عن المستقبل. «السوق الأفريقية تعد هائلة.. ولا يمكن لأي شيء أن يوقفنا،» عبارة قالها بثقة مفرطة.