جوليان إي بارنز وإيريك شميت
ترجمة: ليندا أدور
كانت هجمات أيلول 2001، السبب الذي أوصل القوات الأميركية الى أفغانستان، لما أصبح في ما بعد عقدين من الحرب، الآن وبعد قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، بسحب القوات القتالية، أُثير تساؤل مركزي: هل سيبرز خطر الإرهاب ضد الولايات المتحدة من أفغانستان من جديد؟.
الجواب هنا هو كلا، ليس الآن على الأقل، لكن على المدى الطويل، قد تكون الإجابة أكثر صعوبة، وكما جاء في تحذير بعض المسؤولين الحاليين والسابقين من أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها قد سُحبت ثانية الى أفغانستان كما حدث معها في العراق. بالرغم من ذلك، في ما يتعلق بالسؤال الحاسم حول اذا ما كانت لا تزال هناك تهديدات مباشرة للولايات المتحدة من افغانستان، فقد قدمت وكالات التجسس الأميركية، صورة أكثر وردية، اذ لا تعتقد تلك الوكالات بأن القاعدة أو غيرها من الجماعات الإرهابية قد تشكل تهديدا مباشرا لضرب الولايات المتحدة انطلاقا من افغانستان، وهو التقييم الذي عدته إدارة بايدن، جوهريا، عند اتخاذها قرار المضي في الحرب او سحب قواتها هذا العام.
حقبة حرب
خططت القاعدة لهجمات الحادي عشر من أيلول من افغانستان، وفي الأسابيع التي تلت الهجمات، اجتاحت الولايات المتحدة البلاد بهدف طرد الجماعات الإرهابية من ملاذها الآمن والإطاحة بطالبان، التي كانت تؤوي القاعدة، من السلطة. وقد كان ذلك الاجتياح، إيذانا ببدء حقبة حرب دامت لعقود، خاضت خلالها معارك طاحنة لمكافحة التمرد تحت مسمى {منع هجمات إرهابية جديدة على الولايات المتحدة}.
لا تزال القاعدة وعصابات داعش الارهابية داخل البلاد ضعيفتين، اذ يركز مقاتلوها على تحقيق مكاسب محلية، وتجنب التصعيد في الهجمات الدولية، وظل موقف طالبان معاديا للجماعة الإسلامية، الى جانب كون علاقة القاعدة مع طالبان أكثر تعقيدا. قبل هجمات أيلول، منحت الحكومة الافغانية التي كانت تسيطر عليها طالبان، ملاذا آمنا للقاعدة، لكن وكجزء من اتفاقية السلام التي وقعتها الحركة مع الولايات المتحدة العام الماضي، وافقت طالبان على قطع العلاقات مع الجماعات الارهابية بضمنها القاعدة ومنع عملها داخل أفغانستان. لا يمكن لأحد التنبؤ في ما اذا كانت القاعدة ستسترد عافيتها أو مدى سرعة ذلك، لكن بعض المسؤولين يرون بأنه من غير المرجح أن تكون الولايات المتحدة غافلة عن تهديد جديد من القاعدة، مشيرين الى قدرات الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وجمع المعلومات الاستخبارية التي تكونت لديها على مدى العقدين الماضيين.
ليست التسعينيات
يشير النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، آدم بي شيف، رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، بأن: {الإرهاب المنطلق من أفغانستان ليس صفرا، لكنه، حاليا، أقل عما هو عليه بأجزاء أخرى من العالم}، مضيفا {لذا السؤال هو: هل بإمكاننا الاستمرار في قمع تهديد الإرهاب القادم من جنوب غربي آسيا دون أن تكون لدينا قوات على الأرض؟}.
وفقا لكبار المشرعين ممن إطلعوا على التقييمات السرية، فإنه في حال إنسحاب الولايات الأميركية من أفغانستان، ليس واضحا إن كانت {القاعدة} ستتمكن من إعادة بناء قاعدة لها هناك لشن هجمات إرهابية، وحتى لو تمكنت القاعدة من إستعادة عافيتها، تساءل بعض المسؤولين، عما اذا كانت {المجموعة} ستجد لها منطقة أخرى تعمها الفوضى غير أفغانستان.
الأمر الذي دفع النائب الديمقراطي عن واشنطن، آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب للتساؤل: {ما سيكون ذلك التهديد بالفعل؟}، بقوله: {هذه ليست تسعينيات القرن الماضي عندما أنشأت القاعدة معسكرات لها، كانت لديهم طالبان ولا أحد كان يعيرهم الانتباه}. لكن، يقر مسؤولون بأن جمع المعلومات الاستخبارية سيكون أصعب حال مغادرة القوات الأميركية، ففي حين يمكن القيام ببعض عمليات مكافحة الإرهاب داخل أفغانستان عن طريق قواعد بعيدة موجودة بمنطقة الخليج أو أماكن أخرى، لكنها ستكون محفوفة بالمخاطر وصعبة التنفيذ، اذ قد يتردد بايدن، أو غيره من الرؤساء المستقبليين في الموافقة عليها، الى جانب ضعف الحكومة الإفغانية التي تواجه ضغوطا من قبل طالبان، لذا ستكون الظروف ملائمة لنشوء خلايا للقاعدة.
قوة دلتا
يقول مايكل بي مولروي، مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية وضابط في وكالة المخابرات المركزية كان قد خدم في افغانستان، بأنه بالرغم من أن تهديد الجماعات الارهابية الدولية العاملة في أفغانستان يبدو ضعيفا، الا أنه قد لا يبقى على هذا النحو، فبمجرد مغادرة القوات، سيتراجع الضغط المتواصل الذي كان يمارس على تلك الجماعات وبالتالي تأثر القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية، مشيرا الى أن عودة القوات الأميركية يجب ألا تكون على حساب خسارة ما تم تحقيقه.
من جهته، ذكر الجنرال كينيث اف ماكنزي جونيور، قائد القيادة المركزية الأميركية، في شهر شباط الماضي بأن: {منذ هجمات 11 أيلول، وهدفنا الستراتيجي هو حماية بلادنا من الهجمات الإرهابية ومنع القاعدة وداعش من إتخاذ أفغانستان كقاعدة وملاذ آمن لهم}. بالنسبة لوزارة الدفاع والمخابرات، يدور الجدل الرئيس حول مدى سهولة شن عمليات لمكافحة الإرهاب من خارج أفغانستان، لا سيما أن تأريخ مثل هذه العمليات، بدءا من عملية قوة دلتا العام 1980 التي منيت بالفشل لتحرير رهائن أميركيين كانوا محتجزين في ايران، فضلا عن ان الضربات الصاروخية انطلاقا من سفن بعيدة ضد أهداف إرهابية، قد تكون نسب نجاحها متدنية. لذا، وفقا لتقديرات مسؤولين في المخابرات، أن ايقاف الجماعات الإرهابية على المدى الطويل قد يكون أكثر صعوبة.
*صحيفة نيويورك تايمز الأميركية