مفاوضات لإطلاق مروان البرغوثي

بانوراما 2021/08/14
...

  أحمد ملحم   
  ترجمة: مي اسماعيل
تصر حماس أن يكون {مروان البرغوثي} (عضو اللجنة المركزية لفتح والذي يتمتع بشعبية كبيرة) جزءا ذا أولوية من أي صفقة محتملة لتبادل السجناء الفلسطينيين مع اسرائيل؛ وهي تأمل تحقيق هذه الصفقة. 
حالما انتهت الحرب الأخيرة في قطاع غزة يوم 21 أيار الماضي؛ أطلقت مصر محادثات غير مباشرة بين حركة حماس واسرائيل للدفع نحو هدنة طويلة الأمد بين الطرفين ومناقشة آليات إعادة إعمار غزة، وكذلك العمل على صفقة لتبادل السجناء.
ونقلت قناة 12 الإسرائيلية قبل أسبوعين عن مصدر فلسطيني أن حركة حماس اقترحت (عبر وسطاء مصريين) عرضا لإطلاق سراح سجينين كمرحلة اولى، هما: {أفيرا منغستو} و{هشام السيد}؛ اللذان تقول حماس أنهما جنود وتقول إسرائيل إنهما مدنيان. وتشمل المرحلة الثانية جنديين اسرائيليين مفقودين، هما: {هادار غولدين} و{أورون شاؤول}؛ اللذان تدعي اسرائيل أنهما قتلا في غزة. ووفقا للاتفاق ستقوم حماس بالإفراج عن الجنديين؛ اللذين أطلقت عليهما عبارة (الجنود المفقودين السجناء)، أو ستفرج عن جثتيهما (كما قد تكون الحالة) في مقابل الافراج عن مروان البرغوثي.. ولا يتوفر رد اسرائيلي على هذا العرض حتى الآن. لفتت القناة النظر الى أن حماس ستكشف عن المعلومات الخاصة بـغولدين وشاؤول فقط بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، وكانت الحركة قد اقترحت تسليم الإسرائيليين مقابل الافراج عن 800 سجين؛ بينهم البرغوثي وجميع المعتقلات النساء، إضافة لجثث 300 فلسطيني. 
دخل البرغوثي السجن الاسرائيلي منذ 15 نيسان سنة 2002، بعد خضوعه لمحاكمة والحكم عليه بخمسة أحكام مؤبدة؛ بتهمة الوقوف وراء العمليات المسلحة لكتائب شهداء الأقصى؛ الجناح العسكري لحركة فتح؛ وخلفت عشرات القتلى والجرحى من الإسرائيليين، عند بدء الإنتفاضة الفلسطينية الثانية يوم 28 أيلول سنة 2000. 
 
شعبية كبيرة
وكانت حركة حماس قد أعلنت في مناسبات عديدة أن البرغوثي، إضافة للأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين {أحمد سعدات} لهما الأولوية في أي صفقة لتبادل الأسرى، إذ كان البرغوثي على رأس القائمة في صفقة التبادل المشهورة مقابل الجندي الاسرائيلي {جلعاد شاليط} سنة 2011؛ لكن الإسرائيليين رفضوا اطلاق سراحه. وتُولي حماس أهمية كبيرة للدور الذي يمكن أن يلعبه البرغوثي كجزء من قيادة السلطة الفلسطينية مستقبلا؛ نظرا لشعبيته الكبيرة. واستنادا الى ذلك تسعى حركة حماس لإعادة البرغوثي الى الساحة السياسة؛ في ظل تلاقي وجهات النظر الحركات الفلسطينية حول قضايا متعددة؛ أبرزها المقاومة ونبذ التنسيق الأمني مع إسرائيل.
للبرغوثي علاقات قوية مع قادة حركات فلسطينية متعددة؛ خاصة سجناء سابقين مثل زعيم حماس في غزة {يحيى السنوار}؛ وهي علاقات نشأت خلال فترة حبس الرجلين في السجون الإسرائيلية. وهناك أيضا اتصالات مستمرة بين قيادة حماس وأسرة البرغوثي؛ إذ استقبل زعيم حركة حماس {اسماعيل هنية} قبل شهرين تقريبا في القاهرة {فدوى البرغوثي} زوجة مروان؛ لبحث صفقة التبادل.  
يقول {عاطف عدوان} أحد قياديي حماس: {البرغوثي وغيره من السجناء القدماء على رأس قائمة تبادل السجناء؛ لكن سلطة رام الله وبعض قادتها المؤثرين ضغطوا على اسرائيل لمنع اطلاق سراحه. وكان هذا الضغط لمنع الافراج عن البرغوثي في حينه أكبر من قدرة حماس على إيقاف أو عرقلة الصفقة؛ التي كانت جاهزة للتنفيذ. وترى الحركة أن وجود البرغوثي (خارج السجن) سيكون له تأثير إيجابي؛ لما له من شعبية كبيرة في صفوف حركة فتح، والكثير من المؤيدين، وهو رجل وطني ويمكنه دفع الوضع الداخلي إلى بر الأمان}. أضاف عدوان قائلا: {تريد حماس أن يتم إطلاق جميع السجناء وبضمنهم البرغوثي، وأعتقد ان حركة حماس مصرة على إطلاقه هذه المرة، ولن تتراجع حتى في حالة معارضة السلطة الفلسطينية أو بعض قادتها}. ورفض عدوان التعليق على وجود تقدم في المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، قائلا: {لا يمكن لأحد التعليق علنا على هذه المسألة؛ خاصة مع استمرار المفاوضات، لكن قد تحصل تغيرات يمكنها قلب التوازنات في أي لحظة}. 
 
لا تعليق!
مواقع صحفية حاولت الاتصال بأسرة البرغوثي؛ لكن الأخيرة رفضت التحدث للإعلام تجنبا لأي تأثير في سير المفاوضات. وتقول مصادر مقربة من الأسرة إن المقاومة تلتزم بإطلاق سراح قادتها المحتجزين هذه المرة، وهناك جدية واضحة في هذا الصدد. أما {هاني المصري}؛ المحلل السياسي والمرشح على قائمة {الحرية} (التي شكلها مروان البرغوثي وقيادي فتح المُبعد {ناصر القدوة} لخوض الانتخابات التشريعية التي جرى تأجيلها مؤخرا) فقال: {شهدتُ بنفسي خلال لقاءٍ مع زعيم حماس {خالد مشعل} إصرار الحركة على إطلاق البرغوثي أثناء الصفقات السابقة؛ ومنذ ذلك الحين كان القائد الفلسطيني المحتجز على رأس القائمة؛ لكن اسرائيل رفضت إطلاق سراحه}. وأضاف: {البرغوثي شخصية فلسطينية بارزة، ومن المرجح أن يلعب دورا على الساحة الفلسطينية مستقبلا؛ خاصة إذا أُطلق سراحه. لحماس والبرغوثي مواقف متقاربة في عدة مواضيع}.
إستبعد المصري إمكانية أن تتوصل حركة حماس وإسرائيل الى اتفاق قريب؛ إذ تعمل الحكومة الاسرائيلية الحالية على تجاوز قرارات داخلية صعبة. ويرى المصري أن اسرائيل لن تسمح للسلطة الفلسطينية بالتغيير وتحسين الذات؛ والفكرة أنه في حالة اطلاق سراح البرغوثي واختياره على رأس السلطة الفلسطينية فقد يحقق تغيرات ضمن السلطة الفلسطينية (بسبب شعبيته الكبيرة). ولهذا السبب من المتوقع أن يكون موقف اسرائيل متصلبا، ولا أحد يعرف ما هي أوراق التفاوض التي تحملها المقاومة، أو ما الذي قد يحدث لاحقا في تلك المفاوضات.  
 
موقع {ألمونيتر}