علي حمود الحسن
لم تخيب نتائج جوائز أوسكار 2019، توقعات النقاد والجمهور كثيراً، لأسباب؛ ليس اقلها تقارب المستوى الفني والجمالي لافلامها، وافتقارها الى نمط صناع السينما المهرة الكلاسيكيين، الذين غربت صورهم الباذخة بفعل سينما ما بعد الحداثة، لتحل محلها أخرى ليس من أولوياتها رفعة الصنعة وجمالها، فانا شخصياً جاءت توقعاتي قريبة من النتائج، باستثناء الجوائز التقنية التي لا أستطيع تقييمها بسبب مشاهدتي لهذه الأفلام من خلال شاشات الحواسيب و"البلازما" البيتية والموبايل، بعيداً عن فتنة الصالات السينمائية المظلمة، اذ رشحت فيلم المخرج المكسيكي الهوليوودي الفونسو كواران "روما" للفوز بأكثر من جائزة اوسكار في مقال كتبته عن الفيلم بعنوان" روما حصان الاوسكار الرابح"، وهذا ما حصل فعلا، اذ فاز بثلاث جوائز، هي: افضل تصوير وفيلم اجنبي ومخرج، وهذا متوقع؛ فكواران يمتلك أسلوبا مبتكرا يوظف فيه اللقطات المستمرة الطويلة، والايقاع السردي البطيء لكنه ليس مملاً، وحتى الحبكة وان بدت مفككة، لكنها عنده لا تعني ضعفاً سردياً، إذ يسلحها بمونتاج مبتكر – اسهم في كتابة القصة والسيناريو والمونتاج- ومدير تصوير بارع، اذ نجح المخرج في اقتفاء أثر ذكريات طفولته بتقنية "الزمن المفقود" البروستية ،حيث يسترجع ومضات صباه من خلال صدى الأشياء والأشخاص وربما الرائحة، فالكاميرا هنا هي الراوي، فهي تجوس المكان لتبحث عما يفتح ثغرة في جدار الماضي. وعلى الرغم من فوز " الملحمة البوهيمية" بأربع جوائز اوسكار، منها: أفضل ممثل للأميركي من أصل مصري رامي مالك، الا ان هنالك أكثر من ممثل لا يقل عنه شأناً، ان لم يكن متفوقاً عليه.
وجسد فيه مالك شخصية الموسيقي والمغني فريدي ميركوري نجم فرقة كوين وحياته الشائكة، بتماهي واقتدر مجسداً عذابات روحه الموزعة بين انوثة مهيمنة وذكورة مقيدة، ليعكسها غناء صوفي يستلهم أسئلة الوجود الكبرى، وحصلت الممثلة الانكليزية أوليفيا كولمان على جائزة أفضل ممثلة عن دورها المركب والاستثنائي في فيلم "المفضلة"، إذ أدت شخصية الملكة الملتبسة التي تعاني الوحدة والمرض فضلاً عن الشذوذ آن وهيمنت خادمتها على قراراتها، وتطلب الدور جهدا بدنيا ونفسيا، نجحت كولمان بتقديمه بإقناع، لكن هذا لا يمنع استحقاق غلين غلوز الجائزة عن فيلم "الزوجة"، وكان اختيار "الكتاب الاخضر" كأفضل فيلم موفقا، فهو ذو بناء كلاسيكي ويقص علينا حكاية العنصرية من خلال كتاب اخضر يعرف السود بكيفية العيش في عالم البيض، وكان اداء ماهر شالا مبهرا، فاستحق افضل ممثل مساعد، والامر ينطبق تماما على ريجينا كنغ .. صاحبة اوسكار أفضل ممثلة مساعدة، ولم يخرج الأميركي سبايك لي خالي الوفاض، فقد حصل على جائزة أفضل سيناريو مقتبس.
ويظل التساؤل مطروحا في كل عام، هل جوائز الاوسكار منصفة؟
والجواب سينما هوليوود تجارية والربح هدفها الأول واحتفالية توزيع جوائز الاوسكار، واحدة من اهم تمظهراتها، فليس غريبا ان تكون الأفلام خاضعة لمعايير غير الجودة والتقانة.