بلدان بأكملها قد تضيع في ظرف قرن!

بانوراما 2021/09/03
...

  كيت لايونس
 ترجمة: أنيس الصفار  
حذر الخبراء من ان أي ارتفاع في درجات حرارة الأرض يتعدى حدود 1,5 درجة مئوية سوف يكون {كارثياً} على الأمم التي تسكن جزر المحيط الهادئ، ومن المحتمل ان يؤدي الى ضياع بلدان بأكملها في ظرف قرن واحد من الزمن جراء ارتفاع مستويات البحار.
منذ زمن كان ينظر الى منطقة المحيط الهادئ على انها {الكناري في منجم الفحم} في ما يتعلق بأزمة المناخ، أي الكاشف المبكر عن الخطر، لأنها تعاني ما تعانيه من جبال الموج العملاقة والأعاصير الدوّامة الكارثية والارتفاع المستمر في مستويات ملوحة المياه الجوفية التي تجعل زراعة المحاصيل مستحيلة، وموجات الجفاف الدائمة وفقدان الجزر المنخفضة نتيجة ارتفاع مستويات مياه البحر. هذه الازمات كلها يتوقع لها ان تتفاقم من حيث الشدّة والتكرار مع استمرار تصاعد سخونة العالم.
جاء هذا التحذير في اعقاب التقرير المهم الذي نشرته {اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ}، المعروفة اختصاراً بـ {آي بي سي سي}، في 9 آب الماضي حول ارتفاع درجات حرارة الأرض والذي أظهر ان انبعاثات غازات الدفيئة ينبغي خفض مستوياتها الى النصف للحد من الاحتباس الحراري وابقائها ضمن 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة، وهو هدف لم يكن بالوسع إدراجه في اتفاقية باريس لولا الضغوط والتأييد من جانب قادة جزر المحيط الهادئ.
يقول {ساتيندرا براساد} سفير فيجي وممثلها الدائم في الأمم المتحدة: “تقرير لجنة تغيرات المناخ يحمل نذراً خطيرة للغاية، وهو قد تخطى التقديرات التي كنا نرسمها في تصورنا .. هذا التقرير يطرح سيناريوهات كارثية كانت في خواطرنا تتعلق بارتفاع مستويات مياه المحيط الهادئ وفقد الجزر المنخفضة واحتمال ضياع بلدان بأكملها في غضون قرن. لذلك سيتحتم تقريب الجداول الزمنية لهذه الامور كثيراً بالتأكيد}.
 
الانبعاث الكاربوني
يطرح تقرير لجنة تغيرات المناخ خمسة سيناريوهات على اساس المستويات المتفاوتة لانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وغيره من غازات الدفيئة. فوفق سيناريوهات العالي والعالي جداً، كما جاء في التقرير، يتوقع ان تتخطى مستويات سخونة الأرض بحلول نهاية القرن الحالي مستوياتها التي كانت عليها ابان عصور ما قبل الصناعة بمقدار 3,6 الى 4,4 درجة مئوية، على التوالي. وحتى عند السيناريو المتوسط يحتمل جداً ان يتخطى مستوى سخونة الأرض الحد المشار اليه بدرجتين.
يذكر التقرير ان كل ارتفاع اضافي في حرارة الأرض بمقدار نصف درجة مئوية سوف يتسبب بزيادة محسوسة وواضحة من حيث الشدة والتكرار في وقوع ظواهر مثل موجات الحر الشديد والأمطار الكثيفة وموجات الجفاف وتطرفات الطقس.
يقول براساد إن آثار ارتفاع حرارة الأرض كانت تستشعر في المحيط الهادئ منذ سنوات، ثم يمضي مضيفاً: {الفيضانات الكارثية والعواصف أخذت تتوالى بتكرار ملحوظ، فالظواهر التي لم تكن تحدث إلا مرة كل 50 أو 100 عام صارت تتكرر كل عشرة اعوام، لذا بات المرء قادراً على التنبؤ بأن العواصف الدوّامة والاعاصير الهائلة وحالات الجفاف الطويلة سوف تصبح اكثر تكراراً وأقسى وطأة في عموم جزر المحيط الهادئ الصغيرة}.
يشدّد تقرير جديد لفرع منظمة السلام الأخضر في استراليا والمحيط الهادئ على الاجحاف المناخي الفادح الذي يقع على منطقة المحيط الهادئ، التي تعدّ من مناطق العالم الأقل تسبباً بالانبعاثات الكاربونية، لأنها لا تتحمل سوى 23 بالألف من اجمالي الانبعاثات في العالم، لكنها رغم ذلك كانت الأقدم والأشد تعرضاً لآثار الاحتباس الحراري العالمي.
يقول الدكتور {نيكولا كازول} رئيس قسم الابحاث والتحري في منظمة السلام الأخضر فرع استراليا والمحيط الهادئ: {حين نتأمل تلك الآثار سنجد ان المحيط الهادئ كان المبتلى الأكبر بها. وفي المستقبل سنرى مزيداً من تملح المياه وارتفاع مستويات ماء البحر، ومعنى ذلك أن انحاء لا يستهان بها من بعض المناطق، مثل كيريباتي وجزر سليمان، لن تعود صالحة للعيش فيها}.
يقول {جوزيف سيكولو} مدير فرع المحيط الهادئ لجماعة الناشطين من اجل المناخ التي تسمي نفسها {350 دوت أورغانبعاثات غازات الدفيئة ينبغي خفض مستوياتها الى النصف للحد من الاحتباس الحراري وابقائها ضمن 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة أن تقرير اللجنة الدولية كان جرس إنذار منبه للغاية، ولكنه لم يكن بعيداً عن الخاطر. 
فمع غياب القيادة والطموح على نطاق العالم لمواجهة التغيرات المناخية كان بوسع المرء التنبؤ بأن هذا هو المآل الذي نمضي إليه}.
يضيف سيكولو أن الواقع المفعم بالنذر الذي يحذر منه تقرير اللجنة الدولية والأمثلة المدمرة التي يشهدها العالم على ازمة المناخ التي تعصف بالعالم، من حرائق الغابات في الولايات المتحدة الى موجات الحر في كندا والحرائق في سيبيريا وتركيا واليونان والفيضانات في الصين، كلها أمور كانت منطقة المحيط الهادئ تحذر منها منذ سنوات.
يقول سيكولو: {هذا هو ما كنا نردده منذ عقود، لأن ازمة المناخ كانت على عتبة بابنا قبل ان تنتقل الى الاخرين بوقت طويل. منطقة المحيط الهادئ كانت على الدوام بمثابة الكناري في منجم الفحم باطلاق اشارة الخطر في هذه الأزمة والواقع الذي عشناه كان يسلط الاضواء على ازمة المناخ منذ عقود. لقد تحولت وجهة الخطاب اليوم وأدرك الجميع الان حقيقة الأزمة المناخية، لذا من المهم التركيز على مجتمعات خط الصد الأمامي اكثر من اي وقت مضى}.