سعاد البياتي
كل من يقرأ او يسمع عن هذه الانسانة الفرنسية التي اعتنقت الاسلام وراحت تبحث وتسبر اغواره العبقة، وتستزيد من بحوثه ودروسه العظيمة، لا بد ان يقف «إجلالا وإكراما» لشخصها وفكرها المتألق حتى اللحظات الاخيرة من حياتها وهي ترفل بزيارة كربلاء وتستحضر الشهادة في باحة ابي الاحرار، ملتزمة بما منحها الله عز وجل من كياسة وقلم سطر روائع البحوث الاسلامية، واغنت بذلك القضايا المهمة للمجتمع على وجه العموم.
من هي مريم؟
اسمها الحقيقي (ماري بيير) من أسرة كاثوليكية ولدت العام 1952م، اعتنقت الإسلام في الثامنة عشرة من عمرها و”استبصرت” حينما اتبعت مذهب أهل البيت عليهم السلام، باحثة وأستاذة في معهد اللغات والحضارات الشرقية في باريس، وناشطة في مجال الحقوق والحريات، ولها مساهمات كبيرة بذلك. تبرعت بجميع املاكها الى المسلمين من اتباع اهل البيت في باكستان، وورثت لهم مكتبتها التي تقدر بـ 6000 آلاف كتاب ولها اهتمامات بشؤون الشيعة في باكستان وأفغانستان، وكان لها دور مهم بتسليط الضوء على عمليات الإبادة الممنهجة، التي يتعرض لها أتباع مدرسة أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) بسبب التطرّف الديني .
وفِي سياق كفاحها في محاربة الفقر والجهل أودعت 20 % من تركتها في مؤسسة للصرف على بعثات لطلبة الدراسات العليا الفقراء من الباكستان للدراسة في باريس، و40 % لمساعدة ضحايا العنف من نساء الباكستان و40 % على المعاقين الفقراء.
مساهمات
نشطت على الساحات الدولية بصورة عامة والفرنسية بشكل خاص في تبيان طبيعة العلاقات السنية الشيعية في باكستان وافغانستان، وعلاقتها بصراعات الأقطاب الإقليمية المحيطية بهاتين الدولتين.
لها بحوث منشورة في مجلة الدراسات حول الشرق الأوسط والمجال التركي الإيراني ومساهمات في مؤتمرات عالمية ووجود فاعل في الدوائر الثقافية والإعلامية الفرنسية. وصفت كافضل عارفة بقضايا افغانسان وشرائحها السياسية.
تميز ورقي
زارت النجف مرات عدة بدعوات من مؤسسة الكلمة للحوار والتعاون والتقت شخصيات دينية كسماحة المرجع الديني المرحوم السيد محمد سعيد الحكيم وسماحة الشيخ بشير النجفي وشخصيات أكاديمية ومدنية وساهمت في مشروع كرسي اليونسكو لجامعة الكوفة وحاضرت في كليات الآداب والتربية الاساسية والقانون والسياسة في جامعة الكوفة، كما حاضرت في مؤسسة اليتيم الخيرية والمكتبة الأدبية ومؤسسة المرأة العراقية في النجف.
تعد من الأكاديميات المتميزيات بطريقة بحوثها ودراساتها وطريقة طرحها بعقلية نيرة راقية على مستوى دولي بأخلاقها الطيبة وجهودها الحثيثة، للتعرف على حقيقة الإسلام ونشره أين ما حط رحالها.
وصية
وريت الثرى على طريق يا حسين الرابط بين كربلاء المقدسة والنجف الاشرف في إحدى الحسينيات وعند العمود 172. تنفيذا لوصيتها، حيث وافتها المنية العام 2017، بعد صراع مع المرض دام ثلاث سنوات.. وشيعت من امام مرقد الامام علي (عليه السلام).