اليوان والدولار

اقتصادية 2021/09/19
...

ياسر المتولي 
 
قالت الصين على العالم أن يستعد من الآن فصاعداً لشراء بضائعنا باليوان الصيني، وسيطبق القرار بعد شهر.
هذا الانذار المبكر واللافت يثير تساؤلات عدة من بينها، هل سيؤثر اليوان على قيمة الدولار؟، او بمعنى آخر هل ستحل العملة الصينية محل العملة الاميركية؟.
من المعروف أنه جرت العادة ان التجارة العالمية كمنظومة تتعامل السوق العالمية من خلالها بالدولار (تسعيرة ثابتة)، وعلى هذا الاساس يرى خبراء الاقتصاد صعوبة ان يحل اليوان الصيني محل الدولار او يؤثر في قيمته في الأمدين القصير والمتوسط.
جاء ذلك في معرض نقاشي مع أحدهم بهذا الصدد لكنه استدرك قائلاً إنه بالامكان ان يؤثر اليوان الصيني على قيمة الدولار على المدى البعيد.
وجدت في هذه الرؤية حقائق ملموسة على الارض وذلك استناداً الى سرعة النمو الاقتصادي الذي تتصدره الصين على جميع الاقتصادات العالمية، وفي ما اذا استمر هذا النمو بوتيرة سريعة كما يحصل الان لربما يتفوق اليوان على الدولار على المدى البعيد.
وأجد هنا في القرار الصيني وتوجهها الجديد أنها استخدمت حذاقتها بهدف رفع قيمة عملتها (اليوان الصيني) من خلال فرضها لعملتها في عمليات التبادل التجاري، وبذلك ستخلق توازنا سعريا مع الدولار في المدى المتوسط.
والسبب في توقعنا لتمكن اليوان من منافسة الدولار على المدى البعيد ذلك يتبع تعاملات البورصة النفطية عالمياً الى ان تتمكن الصين من احتواء جميع الدول المصدرة للنفط في تقبل التعاون باليوان الصيني، طبعاً تحتاج الى مدة زمنية، هذا اذا تمكنت من الاستحواذ على السوق النفطية، وهذا يعتمد على من سيفوز في صراع الكبار فيما بعد.
ما مدى وحجم انعكاسات ذلك على الاقتصاد العراقي؟
تشكل نسبة اعتماد التجارة العراقية على البضائع والسلع الصينية بواقع
 75 - 80 % من استيرادات السوق العراقية. معنى ذلك سيكون حجم تأثير القرار الصيني بفرض عملتها هو الأكبر على التجارة العراقية، أي بمعنى آخر سيرتفع الطلب على اليوان الصيني بما يوازي الدولار او يتقاسمان الطلب عليهما تدريجياً بين مرحلتي الامد القصير والامد المتوسط.
وهنا يتعين على القائمين على السياستين النقدية والمالية الأخذ بنظر الاعتبار مدى او حجم التأثير على الاقتصاد الوطني جراء هذا القرار المفاجئ، كي لاندخل في دوامة توفير العملتين بالتوازي مع الطلب عليهما.
كما أن على القطاع الخاص بمفصليه التجاري والمصرفي هو الذي سيتأثر أكثر بهذا التحول، وعليه ان يتصدى للاثار المتوقعة جراء هذا الاجراء.
وأتوقع اذا طبق القرار الصيني بهذه السرعة فإنه سيحدث فوضى في السوق العراقية في بادئ الامر والمطلوب التصدي له مسبقاً.
من أجل ذلك قلنا إن العراق بحاجة الى تنويع تعاملاته مع دول العالم وفقاً لمصالحه؛ لأن صراع الكبار مستمر في كل نواحي الحياة.. وعلينا توخي اللعب مع الكبار.