أمثال كارثية
الصفحة الاخيرة
2021/09/21
+A
-A
حسن العاني
ولعل العراق مركز الإمبراطورية العباسية، كان الأكثر تأثراً، ليس بالأمثال الشعبية ذاتها، وانما بذلك العدد الكبير من الامثال الموضوعة والحكايات المصنوعة التي تخدم السلاطين والحكام والامراء، وقد شاع استعمالها بين الناس من حيث لا تعلم ولا تقصد.
وانا أتوجه للادلاء بصوتي في آخر انتخابات برلمانية، ومعي صديق لا ينفك ينقد الأداء البرلماني نقداً موجعاً، وعادة ما يذكر أعضاء بعينهم، فاجأني بعد مغادرتنا المركز إنه انتخب (فلان الفلاني) من القائمة الفلانية، ولعل انتخاب قائمة بذاتها أمر طبيعي، حيث لا تخلو أية واحدة من عشرات المخلصين والكفوئين، ولكنني كنت اتوقف دائماً بحذر شديد عند اسم المرشح، فأمام منحه صوتاً يجب التفكير الف مرة، إذ لابد من استحضار إمكاناته وطروحاته، والى أي حد يمثل مصلحة الشعب لا مصلحة القائمة او الطائفة.
حقاً ذلك هو الذي فاجأني في قيام صديقي باختيار مرشح كان يصفه بالبليد والمصلحي، لأنه على حد تعبيره يفتقر الى كل شيء، التاريخ النضالي والشهادة والخبرة والامكانية، هذا غير كونه – والكلام لصديقي - من الذين حاولوا بناء مجدهم السياسي بركوب موجة الطائفية!.
صحيح إن الديمقراطية لا تتيح التدخل في خيارات الاخرين، ولكن علاقتي الوطيدة مع صديقي أكبر من الديمقراطية الغريبة على تربيتي، ولذلك انبته و (بهذلت) احواله وهو يضحك ويحاول الاختفاء وراء تبريرات واهية، على غرار إعطاء فرصة أخرى لهذا النائب، وقد أثارتْ تبريراته حنقي وغضبي الشديد أكثر مما أقنعتني، فآذيته باللوم والتقريع والشتائم العراقية المباحة بين الاصدقاء، لذلك أورد لي (مثالاً كارثياً ) اذا جاز التعبير، وكأنه وجد الحل السحري : تريد الصحيح .. آني طبقت المثل الشعبي القائل.. شين اللي تعرفه، أحسن من زين اللي ما تعرفه!.