لغز ستونهنج يحير العلماء

بانوراما 2021/09/25
...

  جويل داي
  ترجمة: حميد ونيس
  بعد أشواط طويلة من البحث والتقصي، تحتم على الباحثين في الاثار اعادة البحث والتحليل في تاريخ لغز ستونهنج الحجري وذلك بعد العثور على مقابر بالقرب من الاثر الحجري. ويعتقد الباحثون أن شكل الدائرة للتكوين الصخري يمثل دلالة، كانت تستخدم سابقا كمقبرة للشخصيات البارزة في العصر الحجري الحديث، وباتت تلك المقابر مثوى للأسر الاكثر شهرة في انكلترا.  
مع مطلع هذا العام، اقترب الباحثون خطوة من حل اللغز وراء التكوين الصخري حول كونه من صنع الإنسان، بعد الكشف عن بقايا الموقع الرئيسي لتلك الاحجار في تلال بيمبروكشاير الواقعة جنوب غرب ويلز، وسرعان ما أثبت العلماء أنها واحدة من أكبر وأقدم الاماكن الحجرية في بريطانيا، ويعتقد أن تلك الاحجار تعود لهياكل البناء الأصلي لستونهنج. ويعتقد الباحثون أنه من المحتمل تفكيك حجارة البناء ونقلها من موقعها الرئيس وإعادة تشييدها على بعد 150 ميلا في منطقة سالزبوري بلين، حيث يقف الهيكل اليوم صامدا، منذ ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، بحسب تقدير العلماء.
ويعد هذا بمثابة فك لغز تلك الاحجار، ومع ذلك لا يزال علماء الآثار غير متأكدين تماما من الغرض، الذي من اجله تم بناء ستونهنج والغاية من تغيير موقعه. ويعتقد العلماء أن هناك أدلة قوية تشير إلى استخدام الموقع للدفن، بعد العثور على بقايا من الحفريات على بعد أميال قليلة فقط من الموقع نفسه.
من جانب اخر يرى عالم الآثار مايك باركر بيرسون من جامعة كوليدج لندن أن موقع ستونهنج لم يكن مجرد نصب تذكاري محلي للسكان المحليين، وإنما كان رمزا يشارك فيه الناس ويأتون اليه من مسافات بعيدة من جميع أنحاء بريطانيا في ذلك الزمن، وذلك للاحتفال بالانقلاب الشتوي ومناسبات قد تكون ملحمية لديهم.
ويضيف بيرسون انه خلال جزء من الاستكشافات الحفرية، تم العثور على ما يقارب نصف مليون قطعة عظمية متناثرة في محيط الأحجار، ويعتقد الباحثون أنها يمكن أن تحمل المفتاح لفهم سبب اختيار الجزء البعيد من إنكلترا كموقع لمثل هذا النصب التذكاري ذي الأهمية، وان ما اكتشفوه هو أنها في الواقع كانت أكبر مقبرة يجتمع عندها الناس من كل مكان في بريطانيا طوال الألفية الثالثة قبل الميلاد». وضمت المقبرة بقايا عظام بشرية تعود إلى ما قبل نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، أي بحدود قبل 500 سنة من بناء موقع ستونهنج الذي نعرفه اليوم.
 
قتلى أم موتى؟
تحدثت كريستي ويليس، وهي عالمة آثار بيولوجية من جامعة كاليفورنيا في عاصمة الولاية لوس أنجلس، أن هذه النتائج، لم تسهم بإعادة كتابة ما نعرفه عن ستونهنج فحسب، وإنما أعادت كتابة ما نعرفه عن عموم  بريطانيا في العصر الحجري الحديث».
وبدأ الباحثون في التساؤل عما إذا كانت المقبرة الجماعية هي السبب وراء بناء ستونهنج ليكون نصبا تذكاريا لعدد لا يحصى من الموتى. لكن هذا من شأنه أن يوحي بأن هؤلاء المدفونين كانوا من فئة أكثر أهمية من رجال ونساء العصر الحجري الحديث العاديين.
عند تحليل المقابر وبحث علماء الآثار عن أدلة على ان الوفيات كانت نتيجة قتال عنيف، وجدوا ان بقايا كسور العظام كانت سليمة مع بقايا رؤوس سهام، وهي سمات مميزة لمدافن المحاربين القدامى. ومع ذلك، لم يكن هناك أي دليل على أي نوع من العنف تحمله تلك 
العظام. كما أذهل تنوع العظام علماء الآثار كونها بين أحجام كبيرة وصغيرة، فقد ألمحوا إلى طريقة شعوب العصر الحجري الحديث في تكريم موتاهم. 
وقد تم جمع كل جزء محترق من العظام 
في مقبرة ستونهينج بدقة ومعالجته 
بأكبر قدر من العناية.
واستدل الباحثون إلى أن المدفونين في ذلك الموقع كانوا من ذوي المكانة المرموقة في مجتمع العصر الحجري بمعنى انهم  من نخب ذلك العصر.
ويرى البعض ان الحقيقة استعصت على الباحثين لعقود من الزمن، ان الناس في ذلك الوقت كانوا من المزارعين الذين يعيشون على الكفاف، وهم غير متطورين تقنيا، وكانوا بالكاد قد بدؤوا في فهم كيفية التعامل مع المعادن، ومع ذلك فإنهم تمكنوا من نقل وبناء مثل هذا الإنجاز الهندسي من مكان بعيد إلى موقعه  الحالي.