الانتظار الثقافي لجائزة نوبل

منصة 2021/09/27
...

علي حسن الفواز
يبدو أنّ للجوائز الثقافية بريقها، وسطوتها، وأنّ الحصول عليها يحمل معه امتيازات باذخة من الصعب التفريط بها، والتغافل عنها، حتى وإن ادعى صاحبها بالزهد والتعالي والغرور، واتهام هذه الجائزة او تلك بالانحياز واللامهنية، وأن جهات غامضة واموال سياسية و»استعمارية» تقف وراءها سيحمل معه ردودا نفسية، أكثر 
مما هي ثقافية..
جائزة نوبل للاداب من أكثر الجوائز اثارة للجدل، ليس لخصوصيتها وسحرها، ولدسامة قيمتها المالية، بل لأنها تُعطى او تمنح لحسابات يدخل فيها الثقافي الانثربولوجي والجمالي مع السياسي والجغرافي والشعبوي، وهي خلطة عجيبة تجعل التيقن بأنها ستمنح هذا العام لشخصية تنتظر على «دكة المرشحين» غير واقعي، لا سيما أن قائمة المنتظرين تضمّ أسماء كبيرة، ومبدعين من الصعب تجاوزهم في توزيع العطايا الثقافية، ومن ابرزهم الياباني هاروكي موراكامي، والعربي أدونيس، وربما هناك اسماء أخرى ومن ثقافات أخرى يستحقون أن يكونوا ضمن المرشحين، وباتجاه ان تكون هذه الجائزة بأهميتها المالية والاعلامية والثقافية ذات بعد كوزموبوليتي..
في عالمنا العربي يبرز اسم الشاعر ادونيس بوصفه أكثر الأدباء انتظارا للجائزة، والأكثر تعرضا لشائعة الفوز بها، تقديرا لعالميته، ولثقافته الكبيرة، ولغزارة ابداعه وفي حقول متعددة، فضلا عن كونه معروفا، ولا يستحق من لجنة الجائزة تعريفا جديدا، وجهودا استثنائية لترجمة اعماله، كما حدث مع الروائي الكبير نجيب محفوظ الذي حصل على الجائزة عام 1988، والتي عُدّت طفرة استثنائية في النظر الى نوبل، والى مزاج اصحابها، ونظرتهم المتعالية للآخر..
أدونيس أكبر من الجائزة، هذا كلام مجاني وغير موضوعي، فالأمر لا يقاس هكذا، والجوائز التي تمنح للمبدعين لا تُصغّر او تُكبّر من شأن أحدٍ، لكنها تحمل بعدا نفسيا، ومزاجا نرجسيا، يرى من خلاله المبدع الحي اهميته ازاء نفسه وازاء الاخرين، وهي مسألة من الصعب تجاوزها، لكن مع ذلك فإن حديثنا عن أدونيس لا يعني النظر الى تقديره وكأنه مرهون بالجائزة، وأن عدم منحه اياها سيدفعنا نحو المحظور الثقافي، واتهام مؤسسة الجائزة بالانحياز والنزق الاستعماري، او التعالي الانثربولوجي على
أدباء الشرق..
الجائزة ستظل تاريخا، وفرصة، وربما «لعبة حظ» لكن أدونيس سيظل أدونيسنا المعرفي والثقافي، مثلما سيظل موراكامي أيقونة اليابان التي ينظر اليها المواطن والسياسي والامبراطور نظرته الى روح اليابان
المتوهجة.