الرقابة القضائيَّة للعمليَّة الانتخابيَّة

منصة 2021/10/02
...

 القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي 
يعد الانتخاب دعامة أساسيَّة لنظام الحكم الديمقراطي بوصفة وسيلة للمشاركة في تكوين حكومة تستمد وجودها في السلطة واستمراريتها من استنادها الى الإرادة الشعبيَّة، ومن هنا يظهر الانتخاب بوصفه وسيلة للاتصال بين الحكام والمحكومين وأنْ ينوب عن الشعب بعض أبنائه لتولي شؤون الحكم فيه وهذه الإنابة تتم عن طريق الانتخاب وأن الانتخاب هو الوجه الأبرز للديمقراطية والظهور الأكثر تميزاً. 
 
وقد نص دستور جمهوريَّة العراق النافذ لعام 2005 في المادة (20) منه على أن: (للمواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامَّة والتمتع بالحقوق السياسيَّة بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح) وقد وضع المشرع العراقي الضمانات القانونيَّة والقضائية لكفالة نزاهة الانتخابات وتجريم الأفعال المخلة لها وتتضمن الضمانات القانونيَّة بالنصوص الدستوريَّة الضامنة للانتخابات الحرة ونزاهتها والنصوص الواردة في قانون انتخابات مجلس النواب وقانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبموجب المادة (19/ أولاً) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يشكل مجلس القضاء الأعلى هيئة قضائيَّة للانتخابات تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين لا يقل صنف أي منهم عن الصنف الأول للنظر في الطعون المحالة إليه من مجلس المفوضين أو المقدمة من المتضرر من قرارات المجلس مباشرة الى الهيئة القضائية ولا يجوز الطعن بقرارات مجلس المفوضين إلا أمام الهيئة القضائيَّة للانتخابات في الأمور المتعلقة في العمليَّة الانتخابيَّة حصراً وتعدُّ قرارات الهيئة القضائيَّة للانتخابات باتة وللحزب السياسي أو المرشح الطعن بقرار مجلس المفوضين خلال ثلاثة أيام تبدأ من اليوم التالي لنشره ويقدم طلب الطعن الى المكتب الوطني أو أي مكتب انتخابي للمفوضية أو بصورة مباشرة الى الهيئة القضائية ويتولى مجلس المفوضين الإجابة على طلبات الهيئة القضائيَّة للانتخابات واستفساراتها بشأن الطعون خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام عمل من تاريخ ورودها إليها وتبت الهيئة القضائية للانتخابات في الطعن المقدم خلال مدة لا تزيد على (10) عشرة أيام من تاريخ إجابة مجلس المفوضين على الطعن.
إنَّ نزاهة العملية الانتخابية لا تعتمد فقط على حسن تنظيم مراحل العملية الانتخابية بل يجب أنْ كون هناك قواعد إجرائيَّة تخص تقديم الشكاوى المتعلقة بالجرائم التي تمسُّ سلامة ونزاهة العمليَّة الانتخابية وإنَّ الشكوى الانتخابيَّة لم نجد لها تعريفاً في القانون العراقي المتلقة بالانتخابات، ولكنْ عرفتها الأنظمة الصادرة عن المفوضيَّة العليا المستقلة للانتخابات بأنها طلبٌ يقدمه الناخب إزاء خرق انتخابي معين جرى في مرحلة من مراحل الانتخابات، سواء كان هذا الخرق قبل العملية الانتخابية 
أو بعدها، والهدف منه تصحيح أو معالجة الأخطاء إنْ تأكدت صحتها، أما من حيث إجراءات تقديم الشكوى بشأن الجرائم الانتخابية فإنَّ لها إجراءات خاصَّة، فمن ناحية من له الحق بتقديمها فإنَّها تُقدَّمُ من قبل الناخبين 
ووكلاء الكيانات السياسيَّة والمرشحين. وهذا ما نصَّتْ عليه المادة (6) من نظام الشكاوى والطعون الانتخابيَّة لسنة 2012.
أما الجهات التي تتولى التحقيق في الشكاوى في الجرائم الانتخابيَّة فإنَّها تصنف الى ثلاثة أصناف وهي شكوى خضراء:
وتعني عدم وجود جريمة ويمكن إصدار قرار بردها من قبل وحدة الشكاوى.
وشكوى صفراء:
وهذا الصنف يعادُ الى وحدة الشكاوى في المحافظة للتأكد على التوسع بالتحقيقات وجمع المعلومات.
والشكوى الحمراء:
هي شكوى توجد فيها جريمة وتعادُ فيها بعض إجراءات الانتخابات وحسب التوجيهات من مجلس المفوضين كفتح الصناديق وإعادة العد والفرز وإلغاء نتائج بعض المحطات ويصدر قرار من مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بخصوص الشكاوى المقدمة وبناءً على التوصيات التي تصدر عن قسم الاستشارات والشكاوى في المكتب الوطني للمفوضية، وقد تردُّ الشكوى أو يُتخذ إجراء معين أو إحالة الفاعلين في حالة وجود جريمة الى المحاكم لغرض اتخاذ الإجراءات القانونيَّة بحقهم.
إنَّ الاختصاص القضائي في الجرائم الانتخابيَّة يخضع ابتداءً لسلطة المحاكم الجزائيَّة، فمن حيث التحقيق تتولى محاكم التحقيق نظر الشكاوى المتعلقة بالجرائم الانتخابيَّة المنصوص عليها في قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 وهي جرائم الترشيح وجرائم الإخلال بالدعاية الانتخابيَّة وجرائم التأثير في إرادة الناخبين والرشوة الانتخابيَّة وجرائم العنف والتهديد الانتخابي وجريمة التصويت المتكرر وجريمة التصويت بانتحال شخصية أو صفة الغير وجريمة التصويت المخالف لإرادة الناخب والجرائم التي تقع أثناء فرز النتائج وإعلانها، وهي جريمة الاعتداء على صناديق الاقتراع وجريمة الاعتداء على أوراق الاقتراع وجريمة تغيير نتائج الانتخابات.
تختص المحكمة الاتحادية العليا بالمصادقة على نتائج انتخابات مجلس النواب وذلك وفقا للمادة (93/ سابعاً) من الدستور العراقي النافذ.
وقد قررت المحكمة الاتحادية العليا بأنَّ نزاهة العمليَّة الانتخابية مسؤوليَّة الجميع والتقيد بالموعد المحدد لإجرائها يمثل ركناً أساسياً لنيل ثقة المواطن وأنَّ واجب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وباقي السلطات تأمين مشاركة الجميع في الانتخابات واعتبار ذلك واجباً وطنياً لأجل ممارسة الشعب لحقوقه للمادة (20) من الدستور.