1.. لو
دخلت الفتاة الصغيرة مطبخ البيت، أحكمت إغلاق الباب وفتحت أنبوبة الغاز، ثم أشعلت النار لتنهي حياتها، بعد أن رفض أبوها زواجها ممن تحب.
تزوج حبيبها بعد سنة من فتاة أخرى، أحبها مثلما أحب فتاته الأولى، لقد حظي هذه المرة بعائلة أعجبت به من أول مقابلة.
خرجت الفتاة الأولى بقدرة (لو) محت سيناريو زواجه وتزوجته، وبعد أشهر قليلة من عمر الزواج تغير طعم الحب، صار أقل حلاوة، ثم بمرور الأيام اختفت الحلاوة رويدا رويدا لم يعد للحب أي طعم سوى طعم الحنظل، وتحول همس الكلام الى صراخ، والصراخ الى زعيق، والزعيق الى معارك طاحنة، وكاد زوجها ذات يوم أن يكتم أنفاسها، لولا أنها تخلصت من بين يديه هاربة الى المطبخ، أحكمت الباب، فتحت أنبوبة الغاز، وأشعلت النار لتنهي حياتها للمرة الثانية.
2.. خوف
ثلاث ساعات والدكتاتور لا يكف عن الثرثرة، بينما أصحاب الرتب العالية المحيطون به صامتون، تطوف على وجوههم ابتسامات بلهاء، ويكتفون بهز رؤوسهم استحساناً لما يقول، ويصفقون كلما دعت الضرورة.
وطيلة ساعات النهار، ونصف الليل، يعيد التلفزيون تلك الثرثرة .. في المقاهي يتلفت الرواد يميناً وشمالاً لئلا يكون بينهم من يسجل همس ضجرهم.. وفي البيوت لا يجرؤ الآباء على إطفاء التلفزيون، لئلا يصبح أطفالهم أيتاماً !
3.. عالَمان
ليست هي المرة الأولى التي تقلق فيها راحتي، فكثيراً ما تفعل ذلك، لكنها المرة الأكثر وجعاً وحرقة، ومن بين وجعها ودموعها سمعتها تقول: اخرجي وكلميني، لقد اشتقتُ لكِ، لماذا هذا الصمت يا غالية؟
وعلى الرغم من أنني خرجت بمشقة من بين أكداس التراب، وجلستُ قبالتها، إلا أنها لم ترني ولم تحس بوجودي.
4.. زاوية
ثقيلاً يمر الوقت، وبطيئاً، كأنه لا يمر، ليس من عادة الباص أن يتأخر كل هذا الوقت، قالت امرأة ولم يعلق أحد على ما قالت، أنظر الى ما حولي، رجل يدخن بشراهة، عصبي الملامح، إمرأة تجلس على كرسي متحرك، عيناها زائغتان، أم تمسك طفلها ذا الثلاث سنوات، يحاول عبثاً التملص، عاشقان يستندان الى جذع شجرة توت معمّرة، يمسكان بأيديهما ويتهامسان.
وأنا التي أرمي بصري الى الزوايا كلها، ولا زاوية لي، يقطّعني الوقت الثقيل تحت مظلة الباص الذي لا يأتي، بانتظار من لا يمكنه المجيء.. أبدا.