ذاكرة إيلي عمير

ثقافة 2019/03/02
...

  حميد المختار 
 إيلي عمير كاتب يهودي عراقي ولد في بغداد عام 1937 واٌجبر على مغادرة بلده مع اسرته الى اسرائيل في العام 1950، كتب اربع روايات هي (ديك الفداء) و (ياسمين) و(المطيرجي) و حب شاؤول) ورواية المطيرجي التي طبعتها دار الجمل وترجمها  المترجم والروائي العراقي علي عبد الامير صالح ، استمر الكاتب في كتابتها طيلة عشرة  اعوام وقد تصدرت هذه الرواية لائحة الكتب الاكثر قراءة في العالم وترجمة الى العديد من  لغات 
العالم. 
والرواية اشبه بسيرة ذاتية للمؤلف الذي توغل بنا الى زوايا وازقة بغداد ابان  فترة الثلاثينات والاربعينات من القرن المنصرم وهو كما يقول: توخيت من  لكتابة تعريف  القارئ اينما يوجد بالعائلة العراقية التي استقر بها المقام في بلاد الرافدين منذ مئات السنين هذه  العائلة التي اضطرت الى اقتلاع جذورها والهجرة الى اسرائيل مارة بأزمة الهوية وغيرها من   شقات الحياة وما واكبها من عملية 
تجديد.
هذا الكاتب لديه ذاكرة عجيبة فقد اخذنا الى بغداد  في تلك الفترات البعيدة متذكراً مناطقهم في الباب المعظم والباب الشرقي وتحت التكية وشارع  الرشيد فضلاً عن كل العادات والتقاليد اليهودية العراقية من اعياد واكلات بغدادية وعلاقات  أخوة يهودية واسلامية بين سُكان بغداد اليهود والمسلمين ولهذا فهو يقول في رسالة وجهها الى  الشباب: قائلاً لهم انهم سيفهمون آفاق العلاقات التي سادت بين اليهود والمسلمين وسوف  يتمتعون في قراءة هذه الرواية والتعرف على العلاقات المتينة التي سادت بينهما، كما ان  النظام السابق قام بترجمة هذه الرواية ترجمة خاصة كما يقول إيلي عمير في تسعينيات القرن المنصرم ليتسنى لزعماء العراق والمخابرات وقادة الجيش ان يفهموا ماذا يجول في خاطر  صبي يهودي عاش في العراق وهاجر منها وما هي فكرة هذا الصبي تجاه العراق خلال عيشه  فيها.. انا شخصياً تمتعت كثيراً في قراءة هذه الرواية واكتشفت ثمة عوالم كثيرة في الحارات  اليهودية البغدادية لم اكن أعرفها حقيقية، وهناك مشاكل داخلية في اللحمة اليهودية العراقية ،  بين الذين يحملون الفكر الصهيوني ويريدون السفر الى اسرائيل بكل الوسائل وهم في بغداد  يشكلون حركة ثورية ويشترون السلاح وبين يهود يحملون الفكر الشيوعي ويدافعون عن بلدهم  ويريدون البقاء فيه وهم يتقاطعون تماماً مع من يريدون المغادرة وثمة اخرون مسالمون  لايبغون الا حياة آمنة ومستقرة بعيداً عن الخوف والفرهود والاعتقال. 
انها رواية عراقية  بامتياز عن شريحة عراقية احبت العراق وسجلته في لا وعيها حتى وان كانت بعيدة عنه.